في خطوة غير مسبوقة على مستوى القارة الإفريقية، وقع المغرب ومنظمة الأمم المتحدة للسياحة اتفاقا تاريخيا يقضي بافتتاح أول مكتب موضوعي للمنظمة في إفريقيا، والذي سيتخذ من الرباط مقرا له، في خطوة تعزز المكانة الريادية للمغرب في قطاع السياحة، وتفتح آفاقا واسعة أمام القارة للاستفادة من الخبرات والتجارب الرائدة في مجال الابتكار والاستثمار السياحي.

وجرى التوقيع على الاتفاقية بمدينة مراكش بحضور وزيرة السياحة المغربية، فاطمة الزهراء عمور، والأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، زوراب بولوليكاشفيلي، في حدث يعكس التزام الطرفين بتطوير القطاع السياحي في إفريقيا، حيث يعد المكتب الجديد الأول من نوعه في القارة، وسيعمل على إطلاق برامج تدريبية متقدمة وتنظيم ورشات عمل تستهدف الفاعلين الرئيسيين في القطاعين العام والخاص، كما سيتولى تنسيق المؤتمرات والمنتديات الإقليمية التي تركز على الابتكار السياحي، فضلا عن إطلاق مسابقات للشركات الناشئة، بهدف دعم المشاريع المبتكرة وتعزيز الاستثمارات السياحية المستدامة.

وأكدت فاطمة الزهراء عمور أن اختيار المغرب لاحتضان هذا المكتب يعكس الثقة الدولية في قدراته السياحية وريادته داخل القارة الإفريقية، مشيرة إلى أن هذه المبادرة ستساهم في دعم أجندة الأمم المتحدة 2030 لتنمية السياحة في إفريقيا، وذلك تماشيا مع رؤية الملك محمد السادس لتعزيز التعاون الإفريقي المشترك.

من جانبه، شدد زوراب بولوليكاشفيلي على أن المكتب الجديد سيمثل منصة لتعزيز التنسيق والتواصل بين الدول الأعضاء، وسيساهم في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية للوجهات السياحية الإفريقية، من خلال دعم المشاريع المبتكرة والاستثمارات المستدامة.

وتزامن هذا الإعلان مع صدور تقرير جديد لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، والذي سلط الضوء على الأداء المتميز للقطاع السياحي المغربي خلال السنوات الأخيرة، حيث كشف التقرير، الذي حمل عنوان "السياحة كأداة للأعمال: الاستثمار في المغرب"، عن أرقام قياسية، تمثلت في استقبال المملكة لـ 17.4 مليون زائر دولي في عام 2024، مسجلة نموا بنسبة 35% مقارنة بعام 2019، فيما بلغت عائدات السياحة 10.5 مليارات دولار خلال 2023، ما يعكس جاذبية المغرب كوجهة سياحية عالمية.

وفي السياق ذاته، التقى الأمين العام للمنظمة بوزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، حيث ناقشا سبل تعزيز الشراكة بين المغرب ومنظمة الأمم المتحدة للسياحة، كما ركز الاجتماع على الأحداث الرياضية الكبرى القادمة، مثل كأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم 2030، باعتبارها فرصا استراتيجية لتعزيز السياحة المستدامة في المملكة، حيث أعلن بولوليكاشفيلي عن خطط لترجمة كتابه الترويجي حول فرص الاستثمار في المغرب إلى عدة لغات، بما في ذلك العربية، والصينية، والإسبانية، والفرنسية، بهدف توسيع نطاق الترويج السياحي للمملكة على المستوى العالمي.

وفي سياق متصل، أشار التقرير إلى أن مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي للمغرب ارتفعت من 3.7% في عام 2020 إلى 7.3% في عام 2023، في حين بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاع 2.2 مليار دولار بين عامي 2014 و2023، وهي أرقام تعكس التحول الكبير الذي يشهده القطاع السياحي المغربي، والذي أصبح أحد المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي.

ويمثل افتتاح هذا المكتب الجديد في الرباط خطوة نوعية ليس فقط للمغرب، بل للقارة الإفريقية بأكملها، حيث يفتح الباب أمام تعاون أوثق بين الدول الإفريقية لتعزيز السياحة كمحرك للتنمية المستدامة، حيث وبينما يستعد المغرب لاستضافة أحداث رياضية وسياحية كبرى في السنوات المقبلة، يبرز دوره كجسر يربط بين إفريقيا والعالم، ويعزز موقعه كقوة إقليمية في صناعة السياحة.