في خطوة غير مسبوقة، أكد وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، وجود مفاوضات جارية مع المغرب لتسليمه إدارة المجال الجوي في الصحراء المغربية، باعتبار هذا الملف جزءا من مسار مواصلة العلاقات الجديدة بين الرباط ومدريد، ما أثار جدلا واسعا داخل الأوساط السياسية والإعلامية في إسبانيا، خاصة مع استمرار امتناع الوزير عن تقديم أي تفاصيل واضحة بشأن الموضوع.

ورفض ألباريس الإفصاح عن المستجدات المتعلقة بالمحادثات في ردوده الرسمية على البرلمان الإسباني، ما أثار غضب عدد من النواب، أبرزهم خافيير أرماث، الذي طالب بتوضيحات حول تقارير تتحدث عن قرب تسليم إدارة المجال الجوي للصحراء، حيث عيطبر أرماث عن قلقه من أن الحكومة الإسبانية قد تتخذ قرارا استراتيجيا دون استشارة أو إعلام البرلمان، واصفا المبررات المقدمة بأنها "سخيفة"، إذ يعتبر أن تقديم خدمات الملاحة الجوية ليس مجرد إجراء تقني، بل يحمل أبعادا سياسية وسيادية حساسة.

واكتفت وزارة الخارجية الإسبانية في ردها المقتضب على سؤال برلماني، بالإشارة إلى تصريحات سابقة للوزير ألباريس أمام البرلمان، حيث وصف التقارير المتعلقة بالتسليم بأنها "إشاعات ونظريات غريبة" تروج لها المعارضة الإسبانية، غير أن المراقبون يرون بأن هذه التصريحات لم تنجح في تهدئة المخاوف، بل زادت من الغموض المحيط بالملف لدى الإسبان.

وفي السياق ذاته، أظهرت وثائق رسمية أن المحادثات بين إسبانيا والمغرب حول إدارة المجال الجوي ليست جديدة، إذ تعود إلى عام 2022، حين وقع الطرفان إعلانا مشتركا يؤكد التزامهما ببدء التنسيق في هذا الملف ضمن جهود تعزيز العلاقات الثنائية، حيث أنه وعلى الرغم من اعتراف الحكومة الإسبانية بوجود هذه المحادثات، فإن التفاصيل الدقيقة حول سيرها وأهدافها النهائية ظلت طي الكتمان.

ودفع هذا الصمت الرسمي العديد من الأطراف إلى اتهام الحكومة الإسبانية بانعدام الشفافية في معالجة ملف استراتيجي يعتبرونه مسا بالسيادة الوطنية، خاصة وأن الرباط تسيطر بالفعل على نحو 20% من المجال الجوي للصحراء الغربية، وفق تقارير حديثة، حيث أظهرت الخرائط المحدثة فرض المغرب مناطق حظر طيران لإجراء تدريبات عسكرية.

يشلر إلى أن خريطة منظمة الطيران المدني الدولي تظهر استمرار إدارة المجال الجوي للصحراء من جزر الكناري، غير أنه يلاحظ تزايد النفوذ المغربي في المنطقة، مدعوما بتوافقات دبلوماسية مع مدريد بعد التحول التاريخي في موقفها من نزاع الصحراء، ودعمها لخطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب عام 2007.