وقف إطلاق النار في غزة.. الدبلوماسية المصرية تنتصر على مخططات تصفية القضية والاتفاق يعيد الزخم إلى حل الدولتين

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
وقف إطلاق النار في غزة.. الدبلوماسية المصرية تنتصر على مخططات تصفية القضية والاتفاق يعيد الزخم إلى حل الدولتين, اليوم الأربعاء 15 يناير 2025 11:47 مساءً

الإعلان عن الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، يمثل لحظة تاريخية مهمة في منطقة الشرق الأوسط، بعدما تجاوز الاحتلال الإسرائيلي الـ15 شهر، يمارس انتهاكاته بأقصى درجة ممكنة، بين القتل، والتجويع والتشريد، بينما لم تكن دماء أهل غزة كافية لتروي عطش اليمين المتطرف في تل أبيب، حتى اتجه نحو توسيع نطاق العدوان ليشمل دولا أخرى، أبرزها لبنان وسوريا واليمن، مع تبادل القصف على استحياء مع إيران خلال العديد من مراحل الصراع، وهو ما يعكس أهدافا عميقة تبناها الاحتلال، لا تقتصر في جوهرها على مجرد الدفاع عن النفس في مواجهة ما تمثله الفصائل من تهديدات، وإنما تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك في إطار محاولات تصفية القضية الفلسطينية.

 

 

تاريخية الاتفاق، تنطلق من كونه بادرة مهمة لتبريد المنطقة، حيث أن امتداد الصراع، وتوسعه يبدو مرتبطا في الأساس باستمرار العدوان على غزة، وهو ما يعكس فشل الاتفاق الذي أبرمه نتنياهو وحكومته لوقف إطلاق النار في لبنان، في تهدئة الجبهات الأخرى، إلا أن ثمة أبعاد أخرى لا يمكن إغفالها في هذا الإطار، وأبرزها أنه يمثل خسارة العديد من الرهانات التي اعتمد عليها رئيس وزراء إسرائيل، ربما أبرزها مخطط التهجير وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وكلاهما يهدفان إلى تقويض حل الدولتين، عبر تجريد دولة فلسطين المنشودة من شعبها، عبر إجبار مواطنيها على ترك أراضيهم، وهو ما يفسر وحشية الاعتداءات، من جانب، بالإضافة إلى حرمانها من عنصر الأرض، عبر الفصل، في إطار ضرورة أن يكون إقليم الدولة عبارة عن رقعة جغرافية متصلة.

 

 

ولعل البنود المذكورة، والتي تم الإعلان عنها، تضمنت نقاطا مرتبطة بالتهجير، حيث نص الاتفاق على إعادة النازحين إلى شمال القطاع، وهو ما يمثل تقويضا صريحا لأحد اهم المخططات التي تبناها الاحتلال منذ بدء العدوان، بينما ارتكزت في بنود أخرى على دخول المساعدات الإنسانية، ناهيك عن الانسحاب الإسرائيلي التدريجي من غزة، وهو ما يعني العودة إلى مربع "ما قبل 7 أكتوبر"، وهو ما يمثل هزيمة دبلوماسية لحكومة نتنياهو.

 

 

وبالنظر إلى ملف التهجير، نجد أن الدولة المصرية ركزت بصورة كبيرة، ومنذ اليوم الأول للعدوان، على التصدي لكافة المحاولات المرتبطة بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، سواء من خلال قمة القاهرة للسلام والتي عقدت بعد أيام من بدء العمليات العسكرية، وكذلك كافة المحافل الأخرى، حيث نجحت في تحقيق توافق دولي حول رفض المخطط الإسرائيلي، بينما حشدت العديد من القوى الرئيسية في محيطها الجغرافي لدعم رؤيتها، في ضوء ما يمثله مثل هذا المخطط من انتهاك للشرعية الدولية، والقائمة على حل الدولتين.

 

 

وعلى الرغم من التعنت الإسرائيلي، إلا أن الدبلوماسية المصرية تمكنت من انتهاج سياسة النفس الطويل في مواجهة الاحتلال، عبر العديد من المسارات، أولها عبر تحقيق التوافقات، على النحو سالف الذكر، بينما اتخذت بعدا آخر قضائيا، عبر الدعوة الصريحة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال القمة العربية الإسلامية التي عقدت في جدة في نوفمبر 2023، بضرورة إجراء تحقيق دولي، لتجد الدعوة استجابة فورية من جنوب إفريقيا، التي اتخذت زمام المبادرة برفع دعوى قضائية ضد الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية، انضمت لها عدة دول أخرى، في حين كان المسار الثالث إنساني، عبر الضغط على دول العالم، خاصة تلك المتشدقة بحقوق الإنسان، للتداخل على خط الأزمة في ظل ما يرتكب من انتهاكات في القطاع.

 

 

في الواقع، نجحت السياسات المصرية في تكبيل نتنياهو وحكومته، بل ووضعت الكثير من الضغوط على كاهله، إلى حد التوتر الملموس الذي شهدته علاقة واشنطن وتل أبيب خلال الأشهر الماضية، ناهيك عن حلفائها الأخرين في دول الغرب الأوروبي، والتي اتجهت بعضها إلى اتخاذ خطوات كبيرة نحو الاعتراف بدولة فلسطين، على غرار أسبانيا والنرويج وسلوفينيا، وهي دول محسوبة على المعسكر الموالي للدولة العبرية.

 

 

إلا أن تاريخية الاتفاق المعلن لا تقتصر فقط على كونه يمثل تقويضا لخطط إسرائيل، وإنما أحيا بصورة كبيرة حل الدولتين، في ضوء العديد من المعطيات، ربما أبرزها أنه في الوقت الذي أدان فيه المعسكر الموالي لإسرائيل عملية "طوفان الأقصى" في أكتوبر 2023، ولكنهم في اللحظة نفسها اعتبروا أن استمرار الاحتلال أحد أهم عوامل التهديد لأمن تل أبيب، وهو الأمر الذي يمثل بعدا مهما للرؤية التي تبنتها مصر منذ بداية العدوان، عبر حرصها الشديد على الحديث عن القضية، وعدم الانجرار وراء محاولات الاحتلال التي استهدفت صرف الانتباه عنها لصالح القطاع.

 

 

وهنا يمكن القول بأن الدبلوماسية المصرية تمكنت من تحقيق العديد من الانتصارات، لصالح القضية الفلسطينية، والتي تنظر إليها باعتبارها قضيتها المركزية، أبرزها تقويض مخططات الاحتلال، وإعادة الزخم مجددا لحل الدولتين، بعد سنوات من التراجع، جراء السياسات الإسرائيلية المتعنتة، بينما نجحت في الوقت نفسه في تقديم نفسها كقوى قادرة على رعاية القضية، عبر سياسة تقوم في الأساس على الشراكات والتوافقات مع القوى الأخرى، سواء في الإقليم او على المستوى الدولي.

 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق