عندما تُزهَق روح طفلة بسبب قسوة الآخرين !

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عندما تُزهَق روح طفلة بسبب قسوة الآخرين !, اليوم الثلاثاء 14 يناير 2025 02:44 مساءً

في حادثة مؤلمة هزت مشاعر المجتمع المصري، أنهت طفلة تبلغ من العمر 12 عامًا حياتها بعد أن تعرضت للتنمر المستمر من قبل زميلاتها في إحدى مدارس اللغات.

 

لم تستطع الطفلة تحمل قسوة الكلمات الجارحة والسخرية التي تعرضت لها يوميًا، وفي لحظة ضعف قررت إنهاء حياتها، تاركة وراءها خطابًا لوالدتها يحتوي على أسماء الفتيات اللاتي أسأن إليها .

 

لا أستطيع تصور هول صدمة أسرة الفتاة والألم الذي تركته وراءها، ولكن الأصعب هو شعور الفتيات اللاتي تسببن في المأساة وأسرهن الذين لم يعلموا بناتهن قيمة الرحمة وأصول وآداب التعامل مع الآخرين، وهي المأساة الكبرى التي نواجهها جميعا اليوم في مجتمع لم يعد الأهل يهتمون فيه بتربية أبناءهم، وينصب تركيزهم فقط على الإنفاق عليهم وإلحاقهم بالمدارس المتميزة دون الاهتمام ببناء شخصياتهم بشكل سليم، ليمتلأ المجتمع في النهاية بمرضى نفسيين أشبه بالقنابل الموقوتة .

 

هذه الحادثة الموجعة تسلط الضوء على مشكلة خطيرة تتفاقم يومًا بعد يوم، وهي التنمر بين الأطفال والمراهقين، فالتنمر ليس مجرد كلمات عابرة، بل هو سلاح مدمر قد يؤدي إلى نتائج كارثية كما حدث مع هذه الطفلة البريئة المجروحة، لذلك علينا جميعًا التصدي لهذا الجُرم بكل حزم، فهو مُحرم في جميع الأديان، وقد نهانا الله عما نطلق عليه اليوم مصطلح "تنمر" وقال في كتابه الكريم: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ".. صدق الله العظيم .

 

من المؤسف حقا أن يتمحور دور الأم والأب في التأمين المادي للأبناء فقط، وترك الأبناء للمربية والسائق أو للشارع ليتولوا شؤونهم اليومية، فاهتمام الأم والأب بتربية الأبناء والتركيز على تعديل سلوكهم والارتقاء بأخلاقهم يجب أن يكون الهدف الأول بالنسبة لهم وبخاصة الأم، فإذا كان دور الأب الأساسي تأمين متطلبات الأسرة المادية إلى جانب المشاركة في التربية والتوجيه للأبناء فدور الأم الأساسي هو التربية والحفاظ على الأمانة، إلى جانب المشاركة المادية إن كان الأمر ضروريا في ظل الظروف المعيشية الصعبة، فالأم "مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق".

 

إن المسؤولية التربوية تبدأ من المنزل والتنشئة السليمة هي خط الدفاع الأول ضد التنمر والسلوك الغير سوي، فالأطفال في أشد الاحتياج للتواجد في بيئة مليئة بالحب والرحمة وهو ما ينعكس عليهم بشكل إيجابي في تعاملاتهم مع جميع خلق الله سواء كان إنسان أو حيوان أو حتى نبات.

 

من الضروري جدا أن يهتم الأهل بتوجيه أبناءهم إلى اللطف في التعامل واحترام اختلافات الآخرين، ونبذ السخرية أو إيذاء مشاعر الغير بأي شكل من الاشكال .

 

وهنا يجب الإشارة أيضا لنقطة غاية في الأهمية وهي ضرورة استماع الأهل إلى أطفالهم بجدية واهتمام، فشكوى الطفل من مشكلة يواجهها أو حديثه عن تعرضه للتنمر، يحتاج للانتباه وعدم الاستهانة بالأمر، فالأب والأم هما حائط الصد الأول بالنسبة للأبناء، وتجاهل مشاعر الطفل أو التقليل من معاناته قد يدفعه إلى الشعور بالعجز والوحدة وفقدان السند، لذا على الأهل أن يساعدوا أطفالهم على بناء الثقة بالنفس وتعليمهم كيفية التعامل مع المتنمرين بطرق ذكية وآمنة، ولا مانع من مراجعة طبيب نفسي أو استشاري تعديل سلوك في حال جهلهم بالطريقة الصحيحة لمساعدة أبناءهم .

 

أما المدارس فعليها أيضًا مسؤولية كبيرة في معالجة هذه الظاهرة، ومن الضروري مراقبة المعلمين والإداريين لسلوك الطلاب داخل المدرسة، والتدخل الفوري عند ملاحظة أي شكل من أشكال التنمر، كما أن عودة دور الأخصائي الاجتماعي في المدارس أصبح أمراً ملحاً لمساعدة الطلاب على تخطي مشكلاتهم النفسية والمشكلات التي يواجهونها فيما بينهم، فهم حلقة وصل أساسية بين المتنمر والمتنمر عليه وبين أولياء الأمور أيضا، وعليهم دور كبير في توعية الطلاب بأهمية التسامح واحترام الآخرين، وتطبيق قواعد صارمة على من يرتكبون سلوكيات التنمر.

 

أما بالنسبة للمجتمع ككل، فهو بحاجة إلى نشر الوعي حول خطورة التنمر وآثاره النفسية، وقد يكون من المفيد تنظيم حملات توعوية في المدارس والنوادي ومراكز الشباب، مع اهتمام الإعلام والبرامج التليفزيونية والإذاعية والمقاطع التي يتم بثها على مواقع التواصل الاجتماعي بإبراز ضرر وخطورة ظاهرة التنمر على المجتمع .

 

هذه المأساة يجب أن تكون جرس إنذار لنا جميعًا، فأطفالنا أمانة في أعناقنا، وعلينا نوجههم وأن نمنحهم الدعم والحب الكافي ليشعروا بالأمان، ولنحرص على تربيتهم على مبادئ الرحمة والود والذوق، ولنستمع إليهم حين يشعرون بالألم أو الظلم، فرُب كلمة بسيطة أو حضن دافئ تكون كافية لإنقاذ حياة طفل .

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق