تقسيم سوريا.. استراتيجية إسرائيلية أم ذرائع إنسانية؟

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تقسيم سوريا.. استراتيجية إسرائيلية أم ذرائع إنسانية؟, اليوم الاثنين 13 يناير 2025 09:54 صباحاً

يكشف النقاش الإسرائيلي الذي نشرته صحيفة "إسرائيل هيوم" عن مقترحات لتقسيم سوريا إلى "كنتونات" بحجة حماية الأقليات، مثل الدروز والأكراد، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية.

ومع أن إسرائيل تنفي نيتها في التواجد الدائم داخل الأراضي السورية، إلا أن التحركات السياسية والعسكرية تشير إلى أهداف استراتيجية أعمق، تتجاوز شعارات الحماية الإنسانية إلى تعزيز النفوذ الجغرافي وتأمين المصالح الأمنية.

حماية الأقليات.. حجة أم استراتيجية؟

المقترحات الإسرائيلية، التي تدور حول إقامة مناطق حكم ذاتي أو كنتونات، تستند إلى مبرر إنساني يتمثل في حماية الأقليات السورية من الصراعات الداخلية. إلا أن هذا الطرح، وفقًا للمراقبين، يحمل أبعادًا استراتيجية تخدم المصالح الإسرائيلية. إذ تعكس هذه الخطة رغبة في تعزيز النفوذ الأمني الإسرائيلي على طول الحدود الشمالية، وضمان بقاء هذه المناطق خالية من أي تهديدات.

كما تلعب العلاقات التاريخية بين إسرائيل والطائفة الدرزية دورا محوريا في هذه الطروحات. إذ تسعى إسرائيل لتعزيز علاقتها مع دروز الجولان ودعم نظرائهم في جنوب سوريا، ما يتيح لها فرصة لبناء تحالفات محلية تدعم مصالحها الإقليمية.

وعلى الجبهة الكردية، تظهر العلاقات الإسرائيلية الكردية كمحور آخر لتحقيق التوازن في مواجهة النفوذ الإيراني والتركي، رغم المخاطر المحتملة من توتر العلاقة مع أنقرة.

المكاسب الأمنية والاقتصادية

إلى جانب الأهداف المعلنة، تهدف إسرائيل من خلال هذه الخطة إلى تأمين موارد استراتيجية مثل المياه والطاقة. إذ تسعى إلى السيطرة على نهر اليرموك والسدود السورية القريبة من الحدود، وهو ما يعزز من أمنها المائي في منطقة تعاني من ندرة الموارد.

كذلك، تشير التقارير إلى أن إسرائيل تخطط لإنشاء "مجال نفوذ استخباراتي" يمتد إلى عمق 60 كيلومترا داخل الأراضي السورية، يشمل العاصمة دمشق ومطارها. هذا العمق الاستخباراتي، وفقًا لتقديرات إسرائيلية، سيشكل حاجزًا أمام أي تهديد صاروخي قد ينطلق باتجاه الجولان المحتل.

إسرائيل وتركيا.. صراع على النفوذ

تلعب تركيا دورا محوريا في المشهد السوري، وتعتبر أي دعم إسرائيلي للأكراد تهديدا مباشرا لأمنها القومي. وقد أشار الدبلوماسي الإسرائيلي السابق مائير كوهين خلال حواره مع سكاي نيوز عربية إلى هذه الحساسية قائلاً: "إسرائيل تدرك أن دعمها للأكراد يثير حفيظة تركيا، لكن حماية المصالح الإسرائيلية قد تستدعي مثل هذه التوترات".

ومع تصاعد التصريحات التركية التي تشير إلى استعداد أنقرة للتدخل في سوريا، تجد إسرائيل نفسها أمام تحد جديد، حيث يجب أن توازن بين مواجهة النفوذ الإيراني وتعقيد علاقتها مع أنقرة.

الرفض الإقليمي والدولي

على الجانب الآخر، تعارض الدول العربية والإقليمية، وخاصة تركيا وإيران، أي مشروع لتقسيم سوريا. وقد أكد اجتماع الرياض الأخير على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ورفض التدخلات الإسرائيلية.

هذا الموقف يعكس وعيا بأن تقسيم سوريا لن يؤدي إلا إلى تعقيد الأزمة وإطالة أمد الصراع. كما أن غياب توافق داخلي بين الأطراف السورية يجعل من الصعب تنفيذ أي خطة تقسيم، مما يضعف احتمالية نجاح المخططات الإسرائيلية.

إسرائيل والمأزق السوري

رغم محاولات إسرائيل تقديم نفسها كطرف يسعى لحماية الأقليات، إلا أن استراتيجيتها في سوريا تثير شكوكا كبيرة. فمع التوترات الإقليمية المستمرة، يبدو أن تل أبيب تسعى لاستغلال حالة الفوضى السورية لتحقيق مكاسب طويلة الأمد، سواء عبر السيطرة على الموارد أو تحجيم النفوذ الإيراني. ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية تواجه تحديات داخلية وخارجية كبيرة، خاصة في ظل الرفض الشعبي السوري والمقاومة الدولية.

التوجه الإسرائيلي نحو تقسيم سوريا يعكس استراتيجية معقدة تهدف إلى تحقيق مكاسب أمنية واقتصادية تحت غطاء حماية الأقليات. إلا أن هذه المقاربة تصطدم بواقع إقليمي ودولي يرفض تفكيك الدولة السورية، ما يجعل هذه الخطة محفوفة بالمخاطر.

وبينما تسعى إسرائيل لتعزيز نفوذها وتأمين حدودها الشمالية، يبقى مستقبل هذه الطروحات مرهونًا بتطورات المشهد السياسي والعسكري في سوريا، ومدى قدرة القوى الإقليمية على فرض توازن جديد يحافظ على وحدة البلاد ويمنع انزلاقها نحو التقسيم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق