حصرى 24

فنلندا تُعد آلاف الملاجئ المحصنة استعداداً لصراعات محتملة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فنلندا تُعد آلاف الملاجئ المحصنة استعداداً لصراعات محتملة, اليوم الخميس 6 فبراير 2025 02:19 صباحاً

يلعب الأطفال كرة القدم في الصالات المغلقة وسط العاصمة الفنلندية هلسنكي في أحد الملاجئ تحت الأرض.

ويوجد في هذا الملجأ الواقع في منطقة ميريهاكا مقهى وملعب للأطفال وملعب للكرة الطائرة وصالة ألعاب رياضية وملعب للكرة الأرضية، وهي رياضة تشبه الهوكي، إضافة إلى موقف سيارات يتسع لمئات المركبات، كما يوجد فيه كل ما يلزم لإيواء الآلاف من الأشخاص في حالة الحرب أو الطوارئ.

ويمكن الوصول إلى ملجأ ميريهاكا الذي بنته البلدية في عام 2003 من الشارع بواسطة مصعد، وهكذا يتم الوصول إلى موقف السيارات والمرافق الرياضية في وقت السلم.

وفي حالة حدوث نزاع أو أزمة سيتم استخدام السلالم المعدنية المثبتة في المجمع السكني.

ويتم الدخول إلى المنطقة المحمية من خلال بابين حديديين أزرقين عملاقين، تفصل بينهما مساحة مجهزة بصنابير مياه ومخصصة للتطهير، حيث تم تصميم الباب الأول لتحمل الانفجار، فيما الثاني صمم لمنع تسرب أي نوع من الغاز أو الإشعاع.

يمكن تحويل مخبأ ميريهاكا المحفور في صخور الغرانيت ويغطي مساحة 14 ألفاً و750 متراً مربعاً إلى مأوى لـ6000 شخص في أقل من 72 ساعة.

وتؤدي الممرات المتعرجة ذات الجدران البيضاء السميكة إلى الأجنحة الرئيسة، والتي يوجد في كل منها 2000 سرير من القماش مطوية ومكدسة بعناية، وفي الجوار تشير الخطوط الصفراء على الأرض إلى المكان الذي يجب تركيب 400 مرحاض محمول.

مواجهة التهديد

بدأ بناء شبكة الملاجئ في فنلندا في ستينات القرن الماضي، وتم توسيعها وتشغيلها باستمرار منذ ذلك الحين.

ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022، ضاعفت السلطات جهودها لإبقائها على أهبة الاستعداد في مواجهة التهديد الروسي المتزايد، وهناك 50 ألفاً و500 ملجأ حالياً منتشرة في أنحاء البلاد.

وشرحت مسؤولة الاتصالات في إدارة الإنقاذ في العاصمة الفنلندية، آنا ليهتيرانتا، أنه إذا انطلقت صفارات الإنذار فسيتعين على السكان الذهاب إلى الملاجئ المخصصة لهم حاملين الطعام (لا توجد مطابخ في المخابئ) والملابس والبطانيات، ولن يُسمح بالحيوانات الأليفة.

وقالت: «في ميريهاكا سيتم تقسيم الضيوف البالغ عددهم 6000 شخص إلى ثلاث مجموعات، وسيتناوبون لمدة ثماني ساعات، ويقسم الوقت إلى ثلاث فترات: النوم والعمل، الصيانة والتنظيف وغيرها، إضافة إلى الوقت الحر».

وأوضحت ليهتيرانتا: «لدينا قوائم بالوظائف التي سيمارسها الناس إذا كان على السكان البقاء في المأوى لمدة أسبوعين أو أكثر»، متابعة: «سيكون هناك إدارة وأطباء وممرضات وأشخاص مسؤولون عن رعاية الأطفال أثناء وجود والديهم في العمل، وأكثر من ذلك بكثير».

عقيدة راسخة

في هلسنكي وحدها يوجد 5500 ملجأ تتسع لما يقرب من مليون شخص، وهذا لا يكفي فقط لاستيعاب أكثر من 650 ألف نسمة من سكان العاصمة، وإنما سكان البلديات الأخرى في المنطقة الحضرية الذين يعملون في المدينة أيضاً، وحتى نزلاء الفنادق.

وتحتوي بعض الملاجئ على مسارات لسباقات العربات، أو حلبة تزلج، أو حمام سباحة، وتستضيف أخرى حفلات موسيقية.

وفي جميع أنحاء البلاد سيكون لدى 87% من السكان مساحة كافية للاحتماء في الوقت نفسه (4.8 ملايين مكان لـ5.5 ملايين نسمة).

فنلندا دولة عضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) وتشترك في أطول حدود مع روسيا، والتي تبلغ أكثر من 830 ميلاً.

وأكد نائب المدير العام للدائرة السياسية في وزارة الخارجية، ميكائيل أنتيل، أن الدولة الاسكندنافية لم تخفف من حذرها أبداً خلال عقود الحرب الباردة، بينما ظلت محايدة.

وقال: «لم نكن خائفين من روسيا أبداً، لكننا كنا قلقين على الدوام وفي حالة تأهب»، مضيفاً: «منذ حرب الشتاء بين فنلندا والاتحاد السوفييتي في بداية الحرب العالمية الثانية، لم يتوقف الفنلنديون عن تعزيز أمنهم ودفاعاتهم حتى بعد سقوط جدار برلين، عندما انخفض الاستثمار في الدفاع في جميع أنحاء أوروبا»، متابعاً أنه «جزء من عقيدتنا الراسخة».

نظام دفاع شامل

تعد شبكة الملاجئ الواسعة في فنلندا إحدى ركائز نظام دفاع شامل يهتم بالمجتمع ككل ويشمل العديد من الوكالات الحكومية والشراكات مع القطاع الخاص.

ويعتبر الالتزام بالمساهمة في الدفاع الوطني جزءاً من الدستور الفنلندي، ويجب على جميع الرجال أداء الخدمة العسكرية.

وتتمتع الدولة الاسكندنافية بأكثر من 1000 اتفاقية مع شركات خاصة لإنتاج المعدات أو تقديم الخدمات في أوقات الحرب، كما تحتفظ باحتياطيات لا تقل عن ستة أشهر من الوقود والحبوب الرئيسة.

وفي مايو الماضي بدأت فنلندا في تخزين الأسلحة والذخيرة والمعدات العسكرية خارج حدودها.

وفي الوقت الحالي لا توجد هذه المخازن إلا في النرويج المجاورة، وإن كانت تخطط للقيام بذلك في السويد في المستقبل القريب.

وتُنظم دورات تدريبية تطوعية للدفاع المدني في مختلف أنحاء البلاد، حيث يتعلم الطلاب تقنيات السلامة الأساسية والإسعافات الأولية ومكافحة الحرائق والدفاع عن النفس والتوجيه.

وعلى سبيل المثال هناك دورة مخصصة للنساء فقط تستمر خلال عطلة نهاية الأسبوع بالكامل وتسمى «البقاء دون كهرباء»، وتعلم الناس كيفية إشعال النار والطهي في الهواء الطلق والتدفئة.

ووفقاً لنائب المدير العام للدائرة السياسية في وزارة الخارجية، فإن «النخبة التجارية والسياسية والثقافية» تحضر هذه الأنواع من الدورات بشكل منتظم. عن «إل بايس»


تصاعد التوترات

خلال ما يقرب من ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا، لاسيما منذ انضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي، في أبريل 2023، تصاعدت التوترات بين هلسنكي وموسكو.

وفي الأشهر الأخيرة، أصبحت الهجمات الإلكترونية وحملات التضليل وتخريب البنية التحتية في بحر البلطيق، والتدخل في إشارات نظام تحديد المواقع العالمي أمراً شائعاً، ويقول مسؤول كبير في وزارة الدفاع الفنلندية، فضل عدم ذكر اسمه: «إن فنلندا لا تعيش في زمن الحرب، لكنها لا تعيش في زمن السلم أيضاً».


مشاركة فعالة

يقول جنرال مشاة الفنلندي أدولف إيرنورث، وهو متقاعد ومحارب قديم في الحرب العالمية الثانية، شارك في الحياة العامة حتى تجاوز الـ90 من عمره، إن «فنلندا بلد جيد، ويستحق الدفاع عنه، والمدافع عن هذه الدولة هو شعب فنلندا».

وأضاف: «يتعين علينا أن نتأكد من أن فنلندا لن تقف بمفردها، كما فعلت خلال حرب الشتاء في بداية الحرب العالمية الثانية».

ومع انضمام فنلندا الآن إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أصبحت هذه المواقف أكثر صدقاً من أي وقت مضى، فلن تقف فنلندا بمفردها مرة أخرى أبداً، وربما يستطيع الفنلنديون أن يُعلّموا حلفاءهم في حلف شمال الأطلسي شيئاً عن العزيمة والاستعداد والأمن الشامل.

ومن بين الأصول العديدة التي تجلبها فنلندا إلى الحلف، فإن هذه العقلية هي الأكثر أهمية.


خدمة عسكرية إلزامية

 معظم السكان يؤيدون الإبقاء على الخدمة الإلزامية في الجيش. رويترز

يضم الجيش الفنلندي 13 ألف فرد محترف فقط، لكن لديه 900 ألف جندي احتياطي، وبإمكان هلسنكي إعداد جيش في زمن الحرب في وقت قياسي، وعلى الرغم من كونها تاسع أصغر دولة عضو في الاتحاد الأوروبي من حيث عدد السكان، فإن فنلندا تضم أكبر عدد من جنود الاحتياط، وكل عام يتطوع 20 ألف رجل ونحو 1000 امرأة للخدمة لمدة تراوح بين ستة أشهر و12 شهراً.

وأشارت دراسة حديثة أجرتها هيئة رسمية في فنلندا إلى أن نحو 80% من السكان يؤيدون الإبقاء على الخدمة العسكرية الإلزامية.

وتضع استطلاعات رأي أخرى فنلندا والسويد كدولتين عضوين في الاتحاد الأوروبي، حيث تكون النسبة الأكبر من السكان مستعدة «للقتال من أجل الوطن» (نحو 65%، أي أكثر من ثلاثة أمثال النسبة في ألمانيا أو إيطاليا أو إسبانيا).

وقال رئيس وحدة الدفاع الوطني بوزارة الدفاع الفنلندية، العميد ماركو فيتاساري: «يعتقد المزيد من الناس، خصوصاً بين جيل الشباب، أنه من غير العدل أن يُطلب من الرجال فقط أداء الخدمة العسكرية الإلزامية»، ومع ذلك يؤكد فيتاساري أنه سيكون من المستحيل في الأمد المتوسط والقصير استيعاب وتدريب ضعف عدد المجندين تقريباً كل عام.

وفي مجتمع حيث تتمتع المرأة بحضور عام بارز، فإن المناقشة أمر لا مفر منه.

. يمكن تحويل مخبأ ميريهاكا، الذي يغطي مساحة 14.7 ألف متر مربع، إلى مأوى لـ6000 شخص في أقل من 72 ساعة.

. في جميع أنحاء البلاد سيكون لدى 87% من السكان مساحة كافية للاحتماء في الوقت نفسه.

أخبار متعلقة :