حصرى 24

العرب وأسرار “العنبر”!

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
العرب وأسرار “العنبر”!, اليوم الأربعاء 5 فبراير 2025 04:37 مساءً

المغرب – على الرغم من أن مصدره ظل مجهولا لفترة طويلة من الزمن، إلا أن العرب لم يتعرفوا على “العنبر” فقط منذ القدم بل واكتشفوا الكثير من أسراره وكانوا أول من استخدمه في تحضير العطور.

دخل العنبر في حياة العرب وثقافتهم ووجدوا له منافع عديدة سواء في صناعة العطور أو الأدوية التقليدية. وصف العرب العنبر بأنه مادة نفيسة، واعتقدوا أنه هبة البحر لأنهم عثروا عليه على الشواطئ حيث حملته الأمواج. عرفوا قيمته ومنافعه فذكروه في أشعارهم واستشهدا به في كتبهم، وأشادوا بشكل خاص برائحته الزكية.

استخدم العرب العنبر أيضا كمنشط جنسي ودواء وحتى مادة للبخور. كانوا يشعلون النار بقطعة منه ويستنشقون رائحته الطيبة التي تملأ الأجواء. كان يعتقد أيضا أن استنشاق رائحة العنبر يساعد على علاج الأمراض العصبية.

علاوة على ذلك، استخدم العرب العنبر في علاج أمراض الجهاز الهضمي والصداع. علت مكانتهم بينهم لمنافعه، وعد لندرته علامة على الرفاهية والثراء، وكان يقدم كهدية ثمينة.

رأى العرب أن العنبر يمكن أن يسهم تناوله مع الغذاء في علاج عقم النساء، كما استخدم في المغرب في شرب الشاي من خلال إلصاق قطعة صغيرة من العنبر بغطاء إبريق توضع به أوراق الشاي. يتفاعل بخار الشاي مع قطعة العنبر، ويكتسب الشاي مذاقا مميزا ورائحة زكية.

في القرن الرابع عشر في أوروبا، كان العنبر يوضع مع أطواق الخرز التي ترتدى وتستخدم كتمائم للحماية من وباء الطاعون، فيما وصف المؤرخ روبرت ماي رائحته في القرن السابع عشر بأنها “خشبية وزهرية على حد سواء، تذكرنا بالأوراق المتساقطة على أرضية الغابة والجانب السفلي الرقيق المزخرف للفطر الذي ينمو في المناطق الرطبة والظليلة”.

الصينيون بدورهم اعتقدوا أن العنبر ظهر حين سقط لعاب التنين في المحيط، فيما ذكرت سجلاتهم في القرن الخامس عشر بأن العنبر قد يكون من شجرة النسغ، أو رغوة البحر أو أنه تبلور من الدموع. المنشأ الغامض أحاط العنبر بهالة سحرية وجعل منه سلعة يكثر عليها الطلب.

منشأ العنبر:

العنبر الذي كانت تلقيه الأمواج على الشواطئ منذ القدم، مادة توجد في أحشاء حوت العنبر، وهي تتشكل في أمعائه كرد فعل طبيعي لحماية الجهاز الهضمي من الأجسام الصلبة، مثل مناقير الحبار التي يبتلعها. يفترض أن العنبر يتصلب ويتحول على مادة شمعية عطرية بعد خروجه من جسم الحوت واختلاطه بمياه البحر.

اللافت أن العلماء تأكدوا فقط في عام 2020 بعد تحليل الحمض النووي لعينات من العطر، من أنه يتكون بواسطة حيتان العنبر، إلا أنهم لا يعرفون حتى الآن كيف يتم ذلك بشكل دقيق.

لا يزال العنبر كما في القدم، يستخدم في صناعة العطور غالية الثمن بسبب خصائصه المثبتة للرائحة. هذه المادة النادرة تستخدم على سبيل المثال في تحضير عطر شانيل رقم 5 الشهير. من المفارقات أن تتحول “نفايات الحيتان” إلى عطور فواحة.

خبير الحيتان السوفيتي والروسي الشهير، أفينير توميلين قدم عرضا شاملا عن العنبر بقوله: “يعتبر بعض العلماء أن العنبر هو منتج مرضي لإفرازات المرارة في حيتان العنبر المريضة، والبعض الآخر يرى أنها إفراز طبيعي لغدد المستقيم للحيوانات السليمة، والبعض الآخر يعتبره تكوينا وقائيا للأمعاء بعد تهيجها بواسطة الطفيليات أو مناقير الحبار الصلبة. الجدير بالملاحظة أن العنبر كان يستخرج فقط من أمعاء الذكور. في البداية تبدو رائحته مثل رائحة الأرض، ولكن بعد وضعه في حاوية محكمة الغلق فإنه يكتسب رائحة المسك أو الياسمين. يتم تقديره بشكل كبير في صناعة العطور باعتباره أفضل مثبت للروائح الزهرية. يقال إن منديلا مغموسا في عطر العنبر تبقى رائحته لسنوات. كما يُقال إن (عالم الحيوانات البريطاني) توماس بيل حصل على مادة تشبه العنبر من براز حوت العنبر المجفف، إلا أن وصفته لم تصل إلينا. الآن يحاولون مرة أخرى تحضير العنبر بهذه الطريقة، وقد لا يكون ببعيد اليوم الذي ستجمع فيه أساطيل صيد الحيتان براز حيتان العنبر لمعالجته وتحويله إلى منتج نبيل. وعلى النقيض من الأفكار السابقة، فإن العنبر ليس من العناصر النادرة على نحو استثنائي: فقد وجده صائدو الحيتان لدينا في الأمعاء الغليظة والمستقيمة لنحو 4 إلى 5% من حيتان العنبر التي فحصوها، فيما بلغ وزن أكبر قطعة من العنبر تم العثور عليها على الإطلاق في هذه الحيتان، 420 كيلو غراما”.

المصدر: RT

أخبار متعلقة :