نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كاتب سعودي : تطبيقات توصيل الطعام.. راحة مؤقتة أم قنبلة موقوتة تهدد الأسرة والمجتمع؟, اليوم السبت 1 فبراير 2025 10:52 مساءً
صحيفة المرصد- بقلم الكاتب علي السليم :مع تسارع وتيرة الحياة، أصبحت تطبيقات توصيل الطعام جزءًا من الروتين اليومي، توفر خيارات متعددة بلمسة زر، متجاوزة عناء الطهي وانتظار تحضير الوجبات. إلا أن هذه الراحة السريعة تحمل في طياتها آثارًا سلبية تتجاوز الجانب الغذائي، لتمتد إلى الأسرة، والاقتصاد، والمجتمع ككل.
ظاهرة تثير القلق
بل إن الأمر لم يعد مجرد "خدمة مريحة"، بل أصبح ظاهرة تثير القلق، حيث تتزايد تداعياتها على الترابط العائلي، والعادات الغذائية، والاستقرار المالي. وإن لم يدرك الأفراد خطورة هذا التحول، فقد يؤدي إلى فجوة مجتمعية تهدد أحد أهم مظاهر التفاعل الأسري: الجلوس على مائدة واحدة.
تراجع العادات الغذائية.. مخاطر خفية
رغم سهولة الوصول إلى الطعام، إلا أن تطبيقات التوصيل ساهمت في تراجع العادات الغذائية الصحية. فبدلًا من تناول وجبات منزلية متوازنة، بات الكثيرون يعتمدون على الأطعمة الجاهزة الغنية بالدهون المشبعة، والسكريات، والمواد الحافظة، والتي تؤثر سلبًا على الصحة العامة.
النتيجة؟
ارتفاع معدلات السمنة، وأمراض القلب، والسكري، فضلًا عن نقص الفيتامينات والمعادن الأساسية. ومع استمرار هذا النمط الغذائي، تتحول "الراحة المؤقتة" إلى مشكلة صحية طويلة الأمد يدفع ثمنها المستهلك دون أن يشعر.
تفكك المائدة العائلية.. من التفاعل إلى العزلة
لم يكن تناول الطعام مجرد وسيلة لسد الجوع، بل لحظة اجتماعية تجمع أفراد الأسرة، حيث يتبادلون الأخبار، ويتشاركون الآراء، ويتلقّى الأبناء توجيهات آبائهم. لطالما كانت المائدة العائلية فرصة لنقل الأخبار المهمة، والتفاعل الاجتماعي، وتعزيز العلاقات الأسرية.
تغير المشهد
لكن اليوم، تغير المشهد. لم يعد أفراد الأسرة يلتقون حول طاولة واحدة، بل بات كل شخص يطلب طعامه حسب رغبته ويتناوله منفردًا أمام هاتفه أو تلفازه. هذا التحول لم يؤثر فقط على العادات الغذائية، بل أضعف التواصل الأسري، حيث تراجعت اللقاءات اليومية، وقلّت مساحات الحوار، ما أدى إلى إضعاف الروابط العائلية وخلق فجوة بين الأجيال.
عبء مالي متزايد.. هل تستحق الراحة هذا الثمن؟
الراحة التي توفرها تطبيقات التوصيل لا تأتي بلا ثمن، حيث تفرض هذه العادة المتكررة عبئًا ماليًا متزايدًا على الأسر. وعند مقارنة تكاليف الطلبات الجاهزة بالطهي المنزلي، يظهر الفارق الكبير، إذ يمكن للأسرة تحضير وجبات صحية بميزانية أقل بكثير مما يُنفق على الطلبات اليومية.
الإنفاق غير الضروري
كما أن العروض الترويجية والتسويق الذكي يدفع المستهلكين للشراء بكميات أكبر مما يحتاجون، مما يؤدي إلى زيادة الإنفاق العشوائي على حساب أولويات أخرى، ليجد أرباب الأسر أنفسهم أمام ميزانيات مستنزفة بسبب الإنفاق غير الضروري.
إهدار الطعام.. خسارة اقتصادية وبيئية
إلى جانب العبء المالي، ارتفعت معدلات هدر الطعام بسبب الاعتماد المفرط على تطبيقات التوصيل، سواء من خلال الطلبات الزائدة عن الحاجة، أو بإهمال الطعام المنزلي لصالح الوجبات الجاهزة.
البعد البيئي
هذه الظاهرة لا تؤثر فقط على الاقتصاد الأسري، بل تمتد إلى البعد البيئي، حيث يؤدي تراكم النفايات الغذائية إلى استنزاف الموارد الطبيعية وتفاقم مشكلة التلوث. ومع تزايد الاستهلاك غير المدروس، يصبح الهدر الغذائي خسارة مزدوجة على المستوى المالي والبيئي.
هل هناك جوانب إيجابية؟
رغم هذه التحديات، توفر تطبيقات التوصيل حلاً عمليًا في بعض الظروف، مثل ضيق الوقت، استقبال الضيوف المفاجئ، أو الحاجة إلى تنوع الخيارات الغذائية. كما أنها تساهم في دعم قطاع المطاعم وخلق فرص عمل جديدة، لا سيما في مجال التوصيل.
التحدي الحقيقي
لكن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية استخدامها باعتدال، بحيث لا تتحول إلى عادة يومية تؤثر سلبًا على نمط الحياة والصحة.
الاعتدال هو الحل
تظل تطبيقات توصيل الطعام أداة مفيدة إذا تم استخدامها بحكمة، لكنها قد تتحول إلى مشكلة حقيقية إذا أصبحت بديلاً دائمًا للطعام المنزلي. المطلوب هو التوازن: الاستفادة منها عند الضرورة، مع الحفاظ على العادات الغذائية السليمة، وتعزيز ثقافة الجلوس على المائدة العائلية، وإدارة النفقات بوعي.
ومع استمرار انتشار هذه الظاهرة، يبقى السؤال مطروحًا:
هل نحن من نتحكم في هذه التطبيقات، أم أنها تتحكم بنا دون أن نشعر؟
المهندس / علي السليم
كاتب رأي أديب.
أخبار متعلقة :