مبدعون بـ «إقامة ذهبية»: دبي حاضنة المواهب والكفاءات

تواصل دولة الإمارات ريادتها في استقطاب العقول المبدعة، عبر توفير بيئة آمنة وملائمة تحفزهم على العمل والإنتاج، من خلال طرح مزايا «الإقامة الذهبية» لعدد موسع منهم، في خطوة تعكس التزامها بدعم المواهب وترسيخ حاضنة مستدامة للإبداع، ولا تقتصر هذه «المبادرة الذهبية» التي حضرت، أمس، في افتتاح الدورة الـ17 من مهرجان طيران الإمارات للآداب، على توفير الاستقرار للمبدع، بل تسهم في خلق منظومة متكاملة، تتيح للمبدعين فرص التعاون والتفاعل مع نظرائهم على مستوى إقليمي وعالمي، ففي ظل توافر مناخ آمن ومحفّز يصبح الإبداع أكثر زخماً وإنتاجية.

«الإمارات اليوم» حملت أسئلة جلسة «تأثير الاستقرار على الإبداع والمبدع»، لعدد من الكتّاب والفنانين في «طيران الإمارات للآداب»، ومنهم المؤلف السوري ممدوح حمادة، الذي أكد أن «الإقامة الذهبية» خطوة كبيرة، تسهم في إضفاء روح الاستقرار على حياة المبدع، لأنها تحرره من الكثير من الارتباطات التي قد تقيد إمكانية استقراره، ما يؤثر بشكل مباشر وإيجابي في عمله الإبداعي.

وأضاف: «تبقى الإمارات الدولة القادرة على تقديم الكثير للمبدعين في هذا المجال، لما تمتلكه من بنى تحتية غنية، إضافة إلى قدرة مؤسساتها المتعددة على دعوة المبدعين للإسهام في رفد الساحة العربية بالكثير من الأسماء التي مازالت بحاجة إلى التعريف بالدور الكبير والإمكانات التي تمتلكها هذه الدولة للنهوض بواقع الإبداع في العالم العربي، من خلال احتضانها لهذه النخب المحتاجة إلى الاستقرار كشرط أساسي للاستمرارية في العطاء».

اعتراف بالإنجازات

وكرّم مهرجان طيران الإمارات للآداب خلال الجلسة الروائي المغربي، عبدالإله بن عرفة، الذي مُنح «الإقامة الذهبية»، اعترافاً بإنجازاته في مجالات الأدب والفكر والثقافة، وتقديراً لمشروعه ومساره الأدبي المتفرد.

وقال بن عرفة في كلمته: «أريد أن أثمن عالياً هذه البادرة الطيبة، إذ تعد دبي حاضنة للإبداع والابتكار وللكفاءات والمواهب المتنوعة. وكما نحتاج إلى محميات لصون التنوع البيولوجي والحياتي، فإننا أيضاً بحاجة إلى حماية الإبداع والمبدعين، وأظن أن منح الإقامة الذهبية لعدد من الكتاب اليوم هو مؤشر إلى أن الإمارات بشكل عام أصبحت مستقراً للإبداع»، مشيراً إلى أن المبدعين حينما يشعرون بقدرتهم على العطاء في ظل وجود مسؤولين يراعون ويحمون ويضمنون استمرارية هذا الإبداع، فإن هذا أكبر محفز لهم.

وأكمل: «أجدد شكري للجميع، وعلى رأسهم قادة هذا البلد الكريم، على جعل الإمارات وجهة وملتقى لكل هذه الكفاءات والمواهب المبدعة».

صوت بلاده

من جهتها، ترى الشاعرة والمترجمة الفلسطينية، أمل إسماعيل، التي طرحت رؤيتها على جمهور مهرجان طيران الإمارات للآداب، أن الدعم الحكومي والمؤسسي المنظم للمبدع، يشير إلى أنه يتعامل مع قيادة واعية، على درجة عالية من الثقافة والإبداع، تؤمن معه بأن كل أفراد المجتمع على اختلاف تخصصاتهم وأطيافهم مؤثرون ومُقدَّرون ولهم صوت مهم ومسموع.

وأضافت لـ«الإمارات اليوم»: «تؤمن حكومة دولة الإمارات بأن الكاتب صوت بلاده، وعامل بناء لا هدم، وأساس في تطورها وتحضرها، وحارس لثقافتها وأدبها، فبهذا الشكل، جعلت الإمارات كل مبدعيها يتشاركون في حمل راية رفعة البلاد وسموّها وتفردها بين بلدان العالم الأخرى، وهي بلا شك مسؤولية عظيمة».

وأكملت «الجميع متفق على أن الإمارات تستشرف المستقبل من خلال خططها الاستراتيجية الرائدة، وتضع نصب عينيها تطوير فئات المجتمع، والمجالات كافة، بما يحفظ لها هويتها وتفردها عن غيرها من الدول، لذلك، تجد فيها مساحة للنشر وحرية للكتابة قلما توجد في غيرها من الدول، وهذا ما يراه الجميع في معارض الكتب والجوائز والمنح والتكريمات المتعددة التي ترصد للمبدعين العرب في كل المجالات».

هوية إنسانية

ولا تختلف تشكيلات هذه الصورة لدى الروائية والكاتبة المصرية، رشا سمير، التي تؤمن بأن المجتمعات التي يتوافر فيها الأمن والأمان، تسمح بخلق بيئة محفزة للإبداع، لأنها تؤثر بشكل كبير على سلوك الفرد ومنجزاته، وتبعث بالتالي الهدوء في نفس المبدع، فتدفعه إلى المزيد من التميز الذي يشكل بدوره الهوية الإنسانية للبشر والوطنية للمجتمعات، مشيرة في الوقت نفسه إلى تمكن مبدعين من الإنتاج في ظل ظروف تبدو قاسية وصعبة «إذ يخلق الإبداع من رحم الألم والتحدي، كما على سبيل المثال، في أدب المهجر الذي تعرض فيه المبدعون لقسوة الغربة وتحدياتها، كما أن هناك الكثير من الكتاب الذين أبدعوا في الكتابة أثناء انتشار (كوفيد-19) ووباء الكوليرا في العصور البعيدة، وكانت إصداراتهم بكل إنصاف بديعة. هذا لا ينفي طبعاً، أن أساسيات الحياة، هي التي تحقق الراحة النفسية للكاتب ليكتب، والفنان ليرسم، والمطرب ليشدو، فالأمن الاجتماعي لا يتحقق إلا في وجود أمان اقتصادي».

أما الموسيقية السورية، فرح بشار يونس، المقيمة حالياً في الإمارات، وشاركت في العديد من العروض، فترى أن من أهم متطلبات الفن إتاحة الفرصة للمبدع للتعبير عن ذاته وموهبته والتفكير خارج الصندوق، مضيفة: «الإمارات من أهم بلدان العالم في هذا المجال من خلال إطلاق الكثير من المبادرات النوعية، من معارض ومراكز ثقافية وندوات ومهرجانات في أنحاء الدولة، وهنا يظهر دعم الحكومة لجميع مجالات الإبداع والفن والثقافة».

الفريق محمد المري: دولتنا تقدم نموذجاً ريادياً

قال مدير الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي، الفريق محمد أحمد المري، خلال كلمة بجلسة «تأثير الاستقرار على الإبداع والمبدع» في مهرجان طيران الإمارات للآداب، إن «المبدعين بحاجة إلى استقرار أمني في أي مكان في العالم، ولله الحمد، دولة الإمارات ومدينة دبي تقدمان دائماً وأبداً نموذجاً ريادياً»، مشيراً إلى أن شرطة دبي تقوم بعمل جبار في غرس الطمأنينة في نفوس المواطنين والمقيمين، وتحفظ حقوقهم ومطالبهم، أما الدوائر الحكومية، فجميعها يعمل بوتيرة سريعة لجعل رحلة المتعامل بسيطة وقصيرة وسريعة.

وأضاف: «لهذا، دبي مدينة جاذبة للمبدعين والمبدعات والمستثمرين والمستثمرات، كما أن التنوع الثقافي في دبي اليوم واقع، فالمكتبات في كل مكان، والمعارض المفتوحة قائمة في كل مكان، ما يجعل دبي جامعة وحاضنة للمبدعين».

مساحات رحبة

أكد الشاعر الإماراتي، علي الشعالي، أن النتاجات الإبداعية تحتاج دائماً إلى مساحة من الحرية الفكرية والثقافية، وإلى الإبداع بشكل مطلق، وإلا فكيف يمكن إنتاج نصوص تضيف قيمة وأعمالاً فنية تلهم إن كانت ناشئة في ضيق؟ وأضاف: «نعيش في عصر ذهبي بدولتنا الحبيبة، إذ تمنح المساحة للمبدع، بل ويُحتفى به، ويُقدم للآخر في إطار من الفخر الوطني، وعليه، أستطيع القول إن هذا الأمر يجعل المبدع في خانة المسؤولية ليمارس حريته مسؤولاً وواعياً بالتزاماته، على الصعيدين الفني والإنساني».

واستطرد: «مع تسليمي بأن الأمر يحتمل الجدل، وأن بعضهم يميل إلى أن المعاناة تخلق نصوصاً أكثر صدقاً وتركيزاً، إلا أنني مقتنع بأن الأمان شرط أساسي للإنتاج، وأن المبدع يتطلع إلى تحقيق ذاته في مشروع كبير ومدروس بعدما ينعم بالاستقرار إلى حد معقول».