نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ترامب يتعمد إذلال أحد آخر بقايا اللوبيات المؤيدة للجزائر والبوليساريو في واشنطن, اليوم الأربعاء 29 يناير 2025 12:25 صباحاً
لم يكن قرار دونالد ترامب سحب الحماية الأمنية عن جون بولتون مجرد إجراء إداري عادي، بل كان بمثابة صفعة سياسية قاسية لأحد آخر بقايا اللوبيات المؤيدة للجزائر والبوليساريو في واشنطن، ليجد الرجل الذي ظل لعقود من الزمن واحدا من أكثر الشخصيات تأثيرا في الترويج للأطروحة الانفصالية ومعاداة المصالح المغربية نفسه فجأة معزولا ومجردا من كل الامتيازات التي كان يتمتع بها داخل أروقة القرار الأمريكي.
ويعتبر بولتون، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب حتى إقالته عام 2019، أحد أبرز المحركين لملف الصحراء داخل الدوائر الدبلوماسية الأمريكية بطريقة تعاكس المصالح المغربية، حيث بدأ نشاطه منذ أوائل التسعينيات عندما عمل إلى جانب جيمس بيكر، الوسيط الأممي السابق في نزاع الصحراء المغربية، ودفع بكل ثقله نحو فرض خيار الاستفتاء، وهو الخيار الذي صمم حينها ليخدم مصالح البوليساريو والجزائر على حساب السيادة المغربية، وذلك لأنه كان جزءا من شبكة معقدة من المصالح والضغوط التي كانت تعمل على إبقاء النزاع قائما لأطول مدة ممكنة.
ولم يتوان بولتن الذي شغل منصب سفير أمريكا في الأمم المتحدة خلال إدارة جورج بوش الابن، عن استخدام نفوذه لعرقلة أي مبادرات تهدف إلى حل النزاع بطريقة تخدم الاستقرار الإقليمي، حيث كان الرجل يؤمن بسياسة الضغط والابتزاز، ويرى في قضية الصحراء ورقة يمكن توظيفها في سياقات جيوسياسية مختلفة، كما ظل حتى بعد مغادرته المناصب الرسمية ناشطا في الأوساط الفكرية والدبلوماسية، مستخدمًا مراكز الأبحاث والندوات الدولية ومنظمات الضغط للترويج لرؤيته المعادية للمغرب.
ووجد بولتن خلال عودته إلى السلطة عام 2018 كمستشار للأمن القومي نفسه في موقع يسمح له بمحاولة فرض أجندته من جديد، وسعى بكل الوسائل إلى إقناع ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو بفرض ضغوط على المغرب، متجاهلا التغيرات العميقة التي طرأت على المعادلة الإقليمية، حيث بلغ به الأمر حد محاولة إفشال الاتفاق الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل، رغم كونه أحد أكثر الشخصيات الأمريكية دعما لإسرائيل، لكن جهوده باءت بالفشل، إذ كان ترامب يدرك جيدا الأهمية الاستراتيجية للمغرب في المنطقة، كما أن تحركات بولتون لم تكن تحظى بالتأييد الواسع داخل الإدارة الأمريكية.
وشكلت إقالته في عام 2019 الضربة القاضية، لكنها لم تكن كافية بالنسبة لترامب، الذي قرر لاحقا سحب الحماية التي كان جهاز الخدمة السرية يوفرها له، في خطوة غير مسبوقة تعكس حجم الهوّة بين الرجلين، كما أن الرئيس الأمريكي لم يكتف بذلك ووصف بولتون علنا بـ"الأحمق" و"المهووس بالحروب"، في إشارة واضحة إلى سياساته التي كانت تعتمد على تأجيج النزاعات بدل حلها.
ويعد إضعاف بولتون جزءا من تحول أعمق في السياسة الأمريكية تجاه قضية الصحراء المغربية، وهو ما تجسد في دجنبر 2020، بعدما أعلنت واشنطن اعترافها الرسمي بسيادة المغرب على صحرائه، وهو القرار الذي شكل تحولا جذريا أنهى عقودا من التردد الأمريكي في هذا الملف، وذلك نتيجة جهود دبلوماسية مغربية استمرت لسنوات، وعززتها التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، بما في ذلك تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل.
ولا تعتبر الخسارة التي مني بها بولتون الوحيدة في هذا السياق، فقد تزامن سقوطه مع تراجع نفوذ شخصيات أخرى كانت تتبنى نفس النهج، مثل السيناتور الجمهوري جيم إينهوف، الذي كان من أشد المدافعين عن جماعة البوليساريو الإرهابية داخل مجلس الشيوخ، ورغم كونه معروفا بدعمه المطلق لإسرائيل، إلا أنه لم يتردد في محاولة عرقلة الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، حتى لو كان ذلك يعني الدخول في مواجهة مع إدارة ترامب.
وبعد فشل كل محاولاته لإقناع إدارة بايدن بإلغاء الاعتراف بمغربية الصحراء، لم يعد بولتون اليوم أكثر من صوت معزول فقد تأثيره ونفوذه، حيث لم تعد مراكز القرار في واشنطن تعيره اهتماما، كما أن اللوبي الجزائري-البوليساريو الذي كان يراهن عليه خسر أحد أبرز أدواته داخل الإدارة الأمريكية.
وكشف قرار ترامب عن مدى هشاشة اللوبيات التي كانت تعمل ضد المصالح المغربية داخل واشنطن، ما يجعل من نهاية بولتون ليست مجرد سقوط شخصية سياسية فقط، بل هي مؤشر على تحول أعمق يجعل من الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء خطوة يصعب التراجع عنها، حتى مع تغير الإدارات والحسابات السياسية.
أخبار متعلقة :