حصرى 24

الحرب التجارية بين الصين وأمريكا ..هل يُشعلها ترامب أم يكتفي بالتحريض؟

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الحرب التجارية بين الصين وأمريكا ..هل يُشعلها ترامب أم يكتفي بالتحريض؟, اليوم الخميس 23 يناير 2025 06:50 مساءً

زينب حمود

تحت شعار “أمريكا أولاً”، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باستكمال حربه التجارية ضد “التنين” الصيني التي بدأها خلال ولايته الأولى في عام 2017. ومنذ تنصيب ترامب لولاية ثانية في 2025، تتجه أنظار الاقتصاديين إلى المكتب البيضاوي، منتظرين القرارات التي ستُتخذ حيال هذه الحرب.

لم يترك ترامب فرصة للتعبير عن امتعاضه من الصين؛ كانت تغريداته مباشرة وواضحة، وانتقد خلالها سياسات الصين النقدية، وأيضًا عملياتها في بحر جنوب الصين، مُعتبرًا نفسه الشخص المُختار لمواجهتها.

تاريخ وأسباب الحرب

بدأت الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة في عام 2018 بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 22 آذار/مارس عن نية فرض رسوم جمركية. وحتى الآن، تم فرض رسوم جمركية بقيمة 250 مليار دولار على البضائع الصينية، وقد ردت الصين بفرض رسوم على 110 مليارات دولار من المنتجات الأمريكية. وقد جاء قرار ترامب بموجب المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974.

ورغم أن العلاقة التجارية بين البلدين تُعد من الأهم على مستوى العالم، حيث يُقدّر حجمها بـ 800 مليار دولار، مما يُشير إلى المصالح الكبيرة المشتركة، إلا أن الطرفين يرسخان ردود الفعل الانتقامية.

تتهم الولايات المتحدة الأمريكية الصين بممارسات تجارية غير عادلة وبسرقات في مجال حقوق الملكية الفكرية. في المقابل، تدافع بكين عن مكانتها رافضةً مزاعم واشنطن، معتبرةً أن أمريكا بدأت تهاب من “تعاظم التنين” وتحاول كبحه.

وفي مراجعة تاريخية، مرت العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية بمحطات مهمة، حيث يشير الجدول أدناه، الصادر عن مجلس العلاقات الخارجية، وهو منظمة مستقلة غير حزبية ومركز أبحاث وناشر (The Council on Foreign Relations – CFR)، إلى تلك المراحل وكيف حاولت واشنطن تقييد خطوات الصين للأسباب التالية:
– خفض عجز الميزان التجاري باعتبار الصين أكبر مصدر لها.
– الصين هي المدين الثاني للولايات المتحدة بعد البنك الفيدرالي الأمريكي.
– هيمنة الصين على الأسواق الأمريكية، حيث تغزو السلع الصينية الشارع الأمريكي.
– التوسع الاقتصادي للصين في آسيا وأفريقيا.
– ظهور “القوس الآسيوي”، كما يُسمى، الذي يمتد من روسيا إلى الصين مرورًا بالهند وصولًا إلى إيران، ومساهمته في ارتفاع معدل النمو الاقتصادي العالمي خلال السنوات القليلة الماضية بأكثر من 50%.
– الاتهامات لها بالتجسس واستغلال العمالة التكنولوجية.


وقد تختصر كلمات جنيفر هيلمان من مجلس العلاقات الخارجية حول مخاوف واشنطن التجارية من الصين عندما قالت: “تبدأ في إدراك مدى ضخامة المشكلة في محاولة العيش في هذا العالم الذي تمتلك فيه الصين المزيد والمزيد من الأسواق ولا يمكنك الدخول إليها”.

ماذا تقول التحليلات حول سياسة ترامب تجاه الصين؟
بتاريخ 19 كانون الثاني/يناير من العام 2025، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حظر تطبيق “تيك توك” الذي يستخدمه 170 مليون أمريكي على خلفية إساءة استخدام بيانات الأمريكيين من قبل الشركة، وذلك قبل أن يعاود ويؤجل فرض الحظر لمدة 75 يومًا. ومقابل رفعه، اشترط أن تكون للولايات المتحدة ملكية 50% من التطبيق. قد يبدو أن سياسة ترامب في الحرب ستأخذ أيضًا المنحى التكنولوجي.

وفي هذا السياق، يقول الباحث والكاتب السياسي الدكتور أيمن حلاوي إن آراء الخبراء الأمريكيين تتباين حول سياسة إدارة ترامب تجاه الصين في ولايته الثانية، فمنهم من اعتبر أن ترامب سيركز على المواجهة الاقتصادية، مثل فرض الرسوم الجمركية وتقليل الاعتماد عليها، ومنهم من رأى أن ترامب سيظهر مرونة أكبر تجاه الصين مع ميل إلى إيجاد صفقات اقتصادية تحقق مكاسب للطرفين بدلاً من التصعيد.

في المقابل، تشير آراء الخبراء الصينيين إلى أنه من المتوقع أن تتسم العلاقات بين البلدين بتقلبات حادة مع احتمالية لتصاعد التوترات والمواجهات، لكن الصين ستظل في موقف قوي نتيجة لتعزيز قدراتها الاقتصادية والتكنولوجية، مما يُتيح فرصًا لبكين لتوسيع نفوذها على الساحة الدولية، خصوصًا في حال تدهور العلاقات الغربية مع الولايات المتحدة في عهد ترامب.

ويشير الدكتور حلاوي في مقابلة مع موقع المنار الإلكتروني إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن الصين هي القوة الوحيدة في العالم التي تُشكل تهديدًا لزعامة واشنطن وصادراتها للاقتصاد العالمي، لذا أخذت الإدارات الأمريكية، بدءًا من ولاية ترامب الأولى وما بعدها، منحى المواجهة التي ستأخذ أشكالًا عديدة، منها الحظر التكنولوجي أو التضييق التجاري. وأي مواجهة ستكون لها عواقب بالدرجة الأولى على المستهلك الأمريكي الذي سيعاني من ارتفاع الأسعار.

وبحسب حلاوي، سيواصل ترامب لغة التهديد في فرض الرسوم لتحسين شروط واشنطن في اللعبة، ويستبعد أن تتدحرج الأمور إلى مواجهة عسكرية نظرًا للتكاليف المرتفعة، خصوصًا أن ترامب يريد أن يغلق ملف الحروب، وخطاباته تشير إلى وجود “نزعة عودة القوات إلى الديار وعدم إرسال الجنود إلى الخارج”، ولديه الرغبة في أن يكون صانع سلام، كما قال في خطاب التنصيب.

لذلك، يرى أنه من المحتمل ألا يتم خوض حرب مباشرة، بل إشعال قضايا مثل قضية تايوان ببيعها أسلحة وتعزيز حضورها في منطقة بحر الصين الجنوبي، مما يزيد من التوتر مع الصين.

خوف وتحذيرات

وفي السياق، أظهر استطلاع للرأي أجرته غرفة التجارة الأمريكية في الصين أن 51% من المشاركين يشعرون بالقلق إزاء التدهور المستقبلي في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين. شمل الاستطلاع 368 شركة عضو في غرفة التجارة الأمريكية في الصين وأُجري في الشهرين الأخيرين من العام 2024.

القلق لا يشمل فقط الشركات، فقد حذرت المديرة التنفيذية لمركز التجارة الدولية (ITC) في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد”، من أن أي حرب تجارية خاسرة لا تضر فقط بالمتنافسين الرئيسيين، بل تهدد أيضًا استقرار الاقتصاد العالمي والنمو في المستقبل.

في حين قال أليساندرو نيكيتا، الخبير الاقتصادي في مؤتمر “الأونكتاد”، إن المستهلكين الأمريكيين هم من يدفعون الرسوم الجمركية عبر ارتفاع الأسعار، وأضاف “الأمر لا ينحصر فقط في آخر سلم المستهلكين، مثلنا، بل يشمل أيضًا مستوردي المنتجات الوسيطة – الشركات التي تستورد قطعًا ومكونات من الصين”.

وكانت “بلومبرغ إيكونوميكس” قد وضعت ثلاثة سيناريوهات للمستقبل في حال تصاعد التوتر في العلاقات التجارية والدولية:

الأول: هو سيناريو “تباطؤ العولمة” كحالة أساسية للتحسن التدريجي في التعاون العالمي.
الثاني: يتناول تقسيم العالم إلى كتل على غرار الحرب الباردة.
الثالث: هو سيناريو غير محتمل لعودة العولمة السريعة.

وكل هذه السيناريوهات ستؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي للدول، ورفع مستويات الديون، وعودة السباق إلى الإنفاق الدفاعي.

أمام هذه المخاوف، كتب ترامب في الساعات الماضية على موقع “تروث سوشيال” (Truth Social) أنه أجرى مكالمة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، ووصف المكالمة بأنها كانت جيدة، وأنهما سيبذلان قصارى جهدهما لجعل العالم أكثر سلامًا وأمانًا. في المقابل، تحدثت الصحف الصينية عن لقاء مرتقب يجمع الرئيسين في وقت قريب.

فهل يَصدُق “مدعي السلام” ويكتفي بتحريض الدول ضد بعضها؟ أم سيشعل حربه التجارية؟

المصدر: موقع المنار+وكالات

أخبار متعلقة :