مهلة تشكيل الحكومات في لبنان.. المعضلة واحدة والتجارب متفاوتة

طالما أُثيرت في لبنان معضلة عدم وجود مهلة محددة تحكم عمل الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة، حيث لا يوجد أي نص في الدستور أو بأي قانون يحدد عملية التأليف بمدة معينة، ما يترك الباب مفتوحاً أمام الرئيس المكلف طالما لا يوجد أي نص أو عرف يلزمه بإتمام المهمة في ميعاد محدد.

وانطلاقًا مما سبق، يبقى الرئيس المكلف في مرحلة التأليف، وتستمر حكومة تصريف الأعمال بتسيير الأمور إلى حين إتمام عملية تأليف الحكومة ونيلها الثقة في مجلس النواب واستلامها مهماتها بشكل رسمي بعد صدور مرسوم تشكيلها الذي يوقعه رئيسها ورئيس الجمهورية.

وفي ظل هذا “الفراغ” الدستوري في تحديد أي مهلة لتشكيل الحكومة، كيف كان الحال مع الحكومات التي كانت تتشكل في لبنان بعد اتفاق الطائف؟ وهل كانت تتشكل هذه الحكومات بسرعة أم أنها كانت تتأخر أحيانًا؟

المتتبع لحكومات ما بعد الطائف يمكنه تقسيمها من حيث سرعة تأليفها إلى قسمين:
1- القسم الأول منذ اتفاق الطائف في العام 1989 وحتى العام 2005.
2- القسم الثاني منذ العام 2005 وحتى اليوم.

فالقسم الأول كان يتميز بسرعة التشكيل، خاصة في ظل وجود ما أطلق عليه “المظلة” السورية التي كانت ترعى الأوضاع في لبنان وتتناغم معها القوى السياسية الموجودة في البلد، خاصة المشاركين والفاعلين في السلطة، حيث يُسجل أن الحكومات كانت تشكل خلال عدة أيام.

والحكومات ما بين الطائف والعام 2005 عددها 9، وكانت على التوالي برئاسة: عمر كرامي، رشيد الصلح، رفيق الحريري (3 مرات متتالية)، سليم الحص، رفيق الحريري (مرتان) وعمر كرامي.

أما القسم الثاني، فتفاوتت مدة تشكيل الحكومات، حيث أحيانًا كانت تطول المدة نسبيًا، بينما أحيانًا أخرى تكون عملية التأليف أسرع.

حتى إن بعض الحالات أخذت عملية التشكيل فترة طويلة بدون الوصول إلى نتيجة حيث فشلت العملية، فعلى سبيل المثال أخذ الرئيس السابق سعد الحريري مدة أكثر من 9 أشهر لتشكيل الحكومة منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر 2020 قبل أن يعتذر عن التأليف في شهر تموز/يوليو 2021.

كذلك فشل مصطفى أديب في تشكيل الحكومة، وذلك بعد تكليفه في 31 آب/أغسطس 2020، ولكن عجز عن الوصول إلى نتيجة واعتذر في 26 أيلول/سبتمبر 2020.

وحكومات ما بعد العام 2005 عددها 10، وكانت على التوالي برئاسة:

1- نجيب ميقاتي في 2005 واحتاج ما يقارب الـ50 يومًا لتشكيلها.
2- فؤاد السنيورة لمرتين متتاليتين: الحكومة الأولى في 2006 احتاجت 20 يومًا لتشكيلها، والثانية في 2008 واحتاجت لأكثر من 4 أشهر ونصف لتشكيلها.
3- سعد الحريري في 2009 واحتاج لأكثر من شهرين ونصف لتشكيلها.
4- نجيب ميقاتي في 2011 واحتاج لخمس أشهر لتتشكل.
5- تمام سلام في 2014 واحتاج لـ14 شهرًا لتتشكل.
6- سعد الحريري في 2016 واحتاج لما يقارب الشهر ونصف لتتشكل.
7- سعد الحريري في 2018 واحتاج إلى 243 يومًا لتتشكل.
8- حسان دياب في 2019 واحتاج إلى 34 يومًا لتتشكل.
9- نجيب ميقاتي في 2021 واحتاج لـ47 يومًا لتتشكل.

واليوم يمر لبنان بتجربة جديدة على هذا الصعيد، حيث تم تكليف نواف سلام لتشكيل الحكومة العتيدة، فهل ستتم الولادة بشكل سريع وفعّال أم أنها ستكون ولادة عسيرة؟

هذا الأمر ستكشفه الأيام المقبلة، علمًا أن هناك أجواء إيجابية تتحدث عن إمكانية تشكيل الحكومة بشكل سريع، بكل ما تحمله من أمنيات خاصة إذا كان ذلك يصب في خانة الجمع بين مختلف القوى بما يخدم المصلحة العامة.

المصدر: موقع المنار