نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المعركة تحتدم بين العالمين القديم والجديد: فلسطين مفترق كل الرهانات, اليوم الأربعاء 15 يناير 2025 06:03 مساءً
نشر بوساطة فؤاد العجرودي في الشروق يوم 15 - 01 - 2025
حريق لوس أنجلوس كشف مدى اهتراء المؤسسات الأمريكية بسبب تداعيات نظرية «الاقتصاد هو الحرب» مساعي الصهيونية العالمية لتركيع دول الجنوب بالقوة تصطدم بضغط الزمن وصعوبة تحقيق توافق داخل المعسكر الغربي تصريحات ترامب تلمح لتموقع استراتيجي جديد يكرّس مبدأ التحالف مع القوي تحالف الجنوب قد يتجه إلى خطوات راديكالية تؤدي إلى انهيار مؤسسات النظام الدولي الراهن والذهاب إلى نظام بديل.
تتّجه أوضاع العالم إلى مزيد من التعقيد والتوتر في خضم ذروة التصادم بين مسار انعتاق دول الجنوب وحرب البقاء التي تخوضها المنظومة الأطلسية لتثبيت معادلة «الشرطي الأوحد».
والواضح أن الاتجاه الذي تدفع إليه ما يسمى الصهيونية العالمية يهدف إلى فرض أمر واقع جديد يهدف إلى كسر مسار الانعتاق الانساني من خلال إعادة تصدير الأزمة التراكمية للمعسكر الغربي بأبعادها الأخلاقية والاقتصادية والمالية عبر الاحتلال المباشر لبلدان الجنوب.
وعلى هذا الأساس تدفع الإدارة الأمريكية الحالية إلى مواجهة مباشرة مع روسيا قبل دخول ترامب إلى البيت الأبيض فيما يسعى اليمين المتطرف الفرنسي إلى استدراج الجزائر على شاكلة العراق عام 1991 مثلما يسعى التحالف الصهيو عثماني إلى افتعال حرب أهلية في ليبيا لتحويلها إلى منصة إرهاب إقليمي يسهل من خلالها تصدير الفوضى الخلاّقة إلى مثلث تونس الجزائر ومصر زائد دول الساحل الافريقي التي تمثل الحزام الأمني لمنطقة شمال إفريقيا.
والواضح أن آلة التضليل الصهيوني قد اشتغلت بشكل مكثف على نموذج سوريا لإشاعة الإحباط في سائر بلدان الجنوب على أساس أن كلّ شيء انتهى بسقوط سوريا وذلك من أجل تحقيق وفاق داخل المعسكر الغربي على استعمال القوة العسكرية لإعادة تركيع الدول التي اندمجت في مسار إعادة تشكيل النظام الدولي القائم.
وبالتالي وضع حد لمسار التفكّك الداخلي الذي تعيش على وقعه المجتمعات الغربية بسبب تداعيات اندماج أنظمتها بشكل متفاوت في الدفاع عن هيمنة الصهيونية العالمية القائمة على خمسة منصات حيوية هي كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة زائد إسرائيل.
لكن هذه الأجندا الجديدة تصطدم بعدة عوامل موضوعية معاكسة منها حالة الانقسام داخل المعسكر الغربي حول نمط التعامل مع المخاض العالمي الراهن في ظل تعاظم وعي عديد الحكومات بأن الأوضاع الداخلية قد تتأزم أكثر في حال التصادم مع مسار انعتاق بلدان الجنوب خصوصا أن الصين تستفيد بأسبقية سياسية ومالية وثقافية في هذا المجال الحيوي ولا سيما إفريقيا التي تمثل المتنفس الاقتصادي الأول للاتحاد الأوروبي.
كما تتأثر هذه الأجندا بضغط عنصر الزمن لأنها تراهن بالأساس على التداعيات الحينية لانتكاسة سوريا التي لن تدوم طويلا وهو ما يفسّر التزامن الحاصل بين قبول الكيان الصهيوني بالهدنة بعد أشهر طويلة من الهروب إلى الأمام والتحوّل الحاصل في الخطاب الروسي حيث أعلن وزير الخارجية «لافروف» أمس الأول بشكل حاسم أن روسيا «لم ولن تخرج من الشرق الأوسط» وكذلك معاهدة الشراكة الاستراتيجية التي ستوقعها غدا الجمعة كل من روسيا وإيران والتي ستؤدي إلى مزيد تعميق الأبعاد الاستراتيجية للتحالف الروسي الايراني الكوري جنوبي.
وبالنتيجة يؤشر الوضع العالمي الراهن إلى أن مسار الانعتاق الانساني بصدد التقدم بعد مرحلة امتصاص صدمة سوريا فيما تتضاءل فرص تحقيق توغّل داخل المعسكر الغربي حول خيار التصادم مع هذا المسار.
على خلفية أن أي خطوة في هذا الاتجاه ستزيد في تأزيم الأوضاع الداخلية كما قد تفرض على دول الجنوب الانغلاق على نفسها وبالتالي قطع خطوات راديكالية يمكن أن تفضي إلى انهيار مؤسسات النظام الدولي الراهن والذهاب إلى نظام بديل ومؤسسات جديدة تكرّس بالفعل حرمة الشعوب ومفهوم تكافؤ الفرص.
وبالنتيجة تواجه المنظومة الأطلسية ضغوطات شديدة ستفرض عليها التعايش مع هذه الأوضاع المستجدة من خلال العودة القوية للمقاربات الاشتراكية لتنفيس المواطن داخليا وتقديم تنازلات لبلدان الجنوب تضع حدّا لواعز الخوف من الغرب.
وكل هذا سيمرّ حتما عبر منح الشعب الفلسطيني حقه المشروع في أرضه ودولته حيث أن فلسطين تمثل المفترق الذي تلتقي فيه كل الرهانات بالنسبة للعالمين القديم والجديد على حد سواء بل يمكن أن تتحوّل إلى صخرة تتحطم عليها وحدة المعسكر الغربي أو ما يسمى الغرب الجماعي.
وعلى هذا الأساس بدأ الرئيس الأمريكي العائد يلمّح لمرحلة جديدة تتطلب الاهتمام أكثر بأمن ورخاء المواطن داخليا كما تعبّر عن رغبة في التملص من حمل الغرب الجماعي وبالتالي الدخول في تموقع استراتيجي جديد يكرّس مبدأ التحالف مع الأقوى خصوصا أن الحرائق التي اجتاحت مدينة لوس أنجلس كشفت عن مدى اهتراء مؤسسات الدولة كنتيجة طبيعية لنظرية «الاقتصاد هو الحرب» عبر افتعال الحروب والصراعات في الخارج على امتداد عقود طويلة.
وبالمحصّلة بدأت المؤشرات تتراكم لتؤكد أن مسار الانعتاق الانساني يتمتع بالأسبقية في مواجهة سعي الصهيونية العالمية لوقف هذا المسار بالقوة خصوصا أن هذه المنظومة اضطرت لإحراق كل أوراقها في نطاق حرب البقاء التي واجهتها في الأعوام الأخيرة لكن ذلك لا يلغي فرضية تواصل المطبّات العنيفة لأن رهان المخاض العالمي الراهن يتعلق بترتيبات عمرها خمسة قرون من الزمن وبالتالي فإن تداعياته ستكون أعمق بكثير من نتائج الحربين العاليمتين الأولى والثانية.
الأولى
الأخبار
.
أخبار متعلقة :