حصرى 24

اقتصاد المبدعين.. ثورة رقمية تغير قواعد صناعة المحتوى

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اقتصاد المبدعين.. ثورة رقمية تغير قواعد صناعة المحتوى, اليوم الأحد 12 يناير 2025 11:20 صباحاً

يبرز "اقتصاد المبدعين" ضمن أبرز التحولات التي تشهدها الصناعات الإبداعية في الوقت الراهن، في وقت يتوقع فيه الخبراء أن يتضاعف حجم هذه السوق ليصل إلى 480 مليار دولار بحلول 2027، وذلك بفضل ازدهار منصات المحتوى الرقمي مثل "تيك توك" و"يوتيوب"، التي أحدثت ثورة في طريقة تفاعل الأفراد مع وسائل الإعلام.

هذا النمو الهائل يعكس تحولاً جذرياً في كيفية استهلاك الناس للمحتوى، حيث أصبحت الأدوات الرقمية وتطورات الذكاء الاصطناعي تتيح لأي شخص فرصة الإبداع والمشاركة في هذا المشهد المتغير.

من خلال تأثير منصات التواصل الاجتماعي، أصبح المبدعون من جميع أنحاء العالم قادرين على تقديم محتوى يعكس أصواتهم الشخصية واهتماماتهم المتنوعة، ليخلقوا في الوقت نفسه مصادر دخل مستدامة. بينما يتوقع أن يستمر هذا النمو على مدى السنوات القادمة، حيث تصبح التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي أكثر ارتباطًا بإنتاج المحتوى، مما يجعل من هذه الصناعة محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي في العصر الرقمي.

ومع تنامي دور الذكاء الاصطناعي في إنشاء المحتوى، سيتغير أيضاً شكل المنافسة في السوق، مما يتيح للشركات الصغيرة والأفراد إمكانية التنافس مع المؤسسات الإعلامية الكبرى.

يرى الخبراء أن التطورات التكنولوجية، مثل "الواقع المعزز" و"الذكاء الاصطناعي"، ستعيد تشكيل الصناعات الإبداعية بطرق غير مسبوقة. من الإعلانات الموجهة بدقة إلى المحتوى التفاعلي، نحن على أعتاب مرحلة جديدة ستحدد من هو اللاعب الرئيسي في اقتصاد المبدعين العالمي.

حجم السوق

وفي هذا السياق، يشير تقرير لـ "غولدمان ساكس" إلى ازدهار ما يسمى بـ "اقتصاد المبدعين"، والذي من المتوقع أن ينمو بشكل أكبر في السنوات المقبلة.

  • يعود هذا التوسع إلى عدة أسباب، منها زيادة استهلاك وسائل الإعلام الرقمية وظهور تقنيات خفضت الحواجز أمام إنشاء المحتوى، وفقًا لما كتبه إريك شيريدان، كبير محللي أبحاث الأسهم المتخصص في قطاع الإنترنت الأميركي، في تقرير لفريقه.
  • ظهرت منصات جديدة مثل "تيك توك"، بينما أدخلت المنصات التقليدية مثل "فيسبوك" و"يوتيوب" أشكالاً جديدة لمشاركة الفيديوهات القصيرة والبث المباشر وأنواع أخرى من المحتوى الذي يُنتجه المستخدمون.
  • ومع نمو هذا النظام، قد تتضاعف السوق الإجمالية القابلة للاستهداف لاقتصاد صُنّاع المحتوى خلال السنوات الخمس المقبلة لتصل إلى 480 مليار دولار بحلول العام 2027، مقارنة بـ 250 مليار دولار اليوم.
  • هذا النمو يتماشى إلى حد كبير مع تقديرات الفريق لنمو الإنفاق العالمي على الإعلانات الرقمية خلال هذه الفترة.

وتتوقع شركة غولدمان ساكس للأبحاث نمو عدد المبدعين العالميين البالغ عددهم 50 مليوناً بمعدل نمو سنوي مركب يتراوح بين 10 و20 بالمئة خلال السنوات الخمس المقبلة.

يكسب المبدعون الدخل في المقام الأول من خلال صفقات العلامات التجارية المباشرة لتقديم المنتجات كمؤثرين؛ ومن خلال حصة من عائدات الإعلانات مع المنصة المضيفة، وكذلك من خلال الاشتراكات والتبرعات وأشكال أخرى من الدفع المباشر من المتابعين. وتشكل صفقات العلامات التجارية المصدر الرئيسي للإيرادات بنحو 70 بالمئة، وفقاً لبيانات المسح الذي أجرته الشركة.

زخم واسع

العضو المنتدب لشركة آي دي تي للاستشارات والنظم التكنولوجية، المهندس محمد سعيد، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"  إن:

  • سوق صناعة المحتوى تشهد زخماً عالياً للغاية خلال السنوات الأخيرة، مدعومة بعوامل متعددة.
  • هذا الزخم مستمر بالنمو نتيجة لتغيرات أساسية في المشهد التقني وسلوك المستهلك.
  • ظهور وسائل التواصل الاجتماعي قبل سنوات، وبالأخص فيسبوك، كان نقطة تحول رئيسية في هذه الصناعة، حيث قادت هذه المنصات إقبالاً واسعاً ونمواً في إنتاج واستهلاك المحتوى.
  • لاحقاً، ومع جائحة كورونا، ازداد الاعتماد على التجارة الإلكترونية والتسوق عبر الإنترنت، مما خلق طلباً متزايداً على المحتوى الرقمي لدعم هذه الأنشطة.
  • السنوات الأخيرة شهدت قفزة نوعية بفضل "الذكاء الاصطناعي"، الذي أصبح ركيزة أساسية في إنتاج المحتوى.
  • تقنيات مثل "ميد جيرني"، و"ليوناردو"، و"DALL-E" من "أوبن أيه آي"، التي أثرت بشكل كبير في إنتاج الصور والفيديوهات باستخدام الذكاء الاصطناعي.

ويشير سعيد إلى أن المحتوى المرئي، وخاصة الفيديوهات القصيرة، هو الشكل الأكثر ربحية حالياً في السوق، موضحاً أن منصات مثل "تيك توك"، و"الشورتس" على "يوتيوب"، و"الريلز" على "فيسبوك" و"إنستغرام"، أسهمت في هذا النمو. كما يسلط الضوء على تطورات أخرى مثل إنتاج الصور الافتراضية، وإنشاء "أفاتار" متحدث باستخدام الذكاء الاصطناعي، وظهور محتوى يعتمد على تقنيات الهولوغرام والواقع الافتراضي والمعزز.

وفي سياق متصل، يشير إلى أن الشركات الناشئة وأصحاب الأعمال أصبحوا يولون اهتماماً خاصاً لصناعة المحتوى كأحد الأنشطة الأساسية لاستراتيجياتهم، موضحاً أن هذه الصناعة جذبت استثمارات واسعة، مع ازدياد تأثير المؤثرين (Influencers) على السوق. ويعطى في هذا السياق أمثلة على كيفية استخدام العلامات التجارية والمؤثرين في التسويق، سواء في قطاع الطعام أو الأزياء، مؤكداً أن هذا الاتجاه سيستمر بالنمو.

ويختتم سعيد تصريحه بالتأكيد على أن صناعة المحتوى ماضية نحو مزيد من النمو والتطور خلال العقد المقبل، مدعومة بالابتكارات في الذكاء الاصطناعي، التوسع في استخدام الهواتف المحمولة، والتغيرات المستمرة في سلوك المستهلك. كما يشير إلى أن الصناعة ستشهد مزيدًا من التنوع والإبداع مع ظهور تقنيات جديدة ومنصات مبتكرة.

وبحسب محمد بن عبد الله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء الإماراتي، خلال مؤتمر صحفي عُقد في مقر المؤثرين في أبراج الإمارات بدبي،  فإن "قطاع صناعة المحتوى هو قطاع اقتصادي ناشئ عالمياً، يبلغ حجمه على مستوى العالم نحو 250 مليار دولار". ودولة الإمارات تعمل على تعظيم الاستفادة من الفرص العظيمة التي يوفرها، حيث تمتلك الدولة أفضل بنية لنمو هذا القطاع في المنطقة، ودولة الإمارات هي اليوم الأولى عالمياً في مؤشر جاهزية البنية التحتية للاتصالات.

سوق كبيرة

في تصريح خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، يوضح استشاري العلوم الإدارية وتكنولوجيا المعلومات في G&K، عاصم جلال، أن:

  • صناعة المحتوى شهدت نمواً هائلًا خلال السنوات الأخيرة، حيث قُدِّرت قيمتها الإجمالية بنحو 250 مليار دولار في عام 2023 وفقا لبعض التقديرات.. وهذا الرقم يشمل كافة أشكال صناعة المحتوى، وليس فقط المحتوى الرقمي.
  • التوقعات تشير إلى أن هذه الصناعة ستصل إلى ما يقرب من نصف تريليون دولار بحلول العام 2027.
  • ومع ذلك، فإن التحول في هذه الصناعة لن يقتصر على حجمها فحسب، بل سيشمل أيضاً تغييرات جوهرية في توزيع الأرباح بين اللاعبين في السوق.

ويوضح أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى إحداث "ديمقراطية" في سوق صناعة المحتوى، حيث سيمكن الأفراد والشركات الصغيرة من منافسة المؤسسات الإعلامية الكبرى، التي كانت تهيمن على الصناعة بفضل قدراتها الكبيرة واستثماراتها الضخمة في الأدوات والموارد.

كما يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي يزيل العديد من العوائق التي كانت تواجه الشركات الصغيرة، مثل الحاجة إلى موارد مالية وبشرية ضخمة. بل إنه قد يجعل الشركات الصغيرة أكثر تنافسية من نظيراتها الكبرى بسبب انخفاض تكاليف التشغيل لديها بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي.

ويؤكد جلال في السياق نفسه أن توزيع نصيب المتنافسين في "الكعكة" الجديدة لصناعة المحتوى سيتغير بشكل كبير. فبينما كانت المؤسسات الكبرى تحتكر النصيب الأكبر في الماضي، ستتمكن الشركات الصغيرة وحتى الأفراد من تحقيق مكاسب كبيرة في المستقبل. ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى إعادة هيكلة السوق بشكل يجعل المنافسة أكثر عدالة وشفافية.

ويختتم حديثه بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة ستشهد تحولات عميقة في هيكل الصناعة؛ حيث ستتحول من صناعة تتطلب استثمارات ضخمة إلى صناعة تعتمد على الإبداع والابتكار بدعم من التكنولوجيا، مما يفتح المجال أمام الجميع ليكونوا جزءاً منها.

اقتصاد المبدعين

بحسب تقرير لمنصة "ماركت. يو إس" المتخصصة في أبحاث السوق وتحليلات البيانات والخدمات الاستشارية، فإنه:

  • من المتوقع أن تشهد سوق اقتصاد المبدعين العالمي نمواً ملحوظاً في السنوات المقبلة، حيث من المتوقع أن ترتفع قيمته إلى 1487 مليار دولار أميركي بحلول العام 2034.
  • يعكس هذا التوسع -وفق تقديرات المنصة- معدل نمو سنوي مركب بنسبة 26.4 بالمئة بين عامي 2025 و 2034.
  • في العام 2024، برزت أميركا الشمالية كمنطقة رائدة ، حيث استحوذت على أكثر من 35.1 بالمئة من حصة السوق العالمية ، مما يترجم إلى إيرادات قدرها 50.1 مليار دولار أميركي.

والاقتصاد الإبداعي هو مشهد تجاري حديث مدعوم من الأفراد الذين ينتجون المحتوى ويشاركونه عبر الإنترنت، ويتفاعلون بشكل مباشر مع جمهورهم من خلال منصات مختلفة.

يشمل هذا الاقتصاد مجموعة واسعة من المبدعين، بما في ذلك المؤثرون والمدونون ومصورو الفيديو وغيرهم. ويستثمر المبدعون جهودهم من خلال الإعلانات والرعاية ومبيعات المنتجات وغيرها من مصادر الدخل الرقمية، والاستفادة من منصات مثل YouTube وInstagram وTwitch للوصول إلى جمهورهم وزيادته.

وتشهد سوق اقتصاد المبدعين توسعاً سريعاً. ويعود هذا النمو إلى التأثير المتزايد للمبدعين على سلوكيات المستهلكين وعادات التسوق المتطورة التي تعطي الأولوية للأصالة والمحتوى المخصص. كما تستثمر المنصات والعلامات التجارية الكبرى بنشاط في هذا المجال، مدركة التأثير الكبير للمبدعين على استراتيجيات التسويق والمبيعات، وفق التقرير.

ويمكن أن يُعزى النمو الكبير في اقتصاد المبدعين إلى عدة عوامل؛ فقد أدى انتشار الإنترنت المتزايد وانتشار الأجهزة الذكية إلى تسهيل إنشاء الأفراد للمحتوى ومشاركته أكثر من أي وقت مضى. بالإضافة إلى ذلك، أدت التغييرات في تفضيلات المستهلكين، التي تفضل المحتوى الأصيل والشخصي، إلى زيادة الطلب على المحتوى الذي ينشئه الأفراد بدلاً من الشركات الكبرى. كما دفعت حالة عدم اليقين الاقتصادي العديد من الأشخاص إلى البحث عن مصادر دخل بديلة، مما أدى إلى زيادة نمو هذا السوق.

مستقبل صناعة المحتوى

من جانبه، يؤكد الخبير التكنولوجي، محمد الحارثي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن:

  • صناعة المحتوى تشهد تغيرات جذرية في ظل التطور السريع للتقنيات الذكية المستخدمة في هذا المجال.
  • المرحلة المقبلة ستشهد تركيزاً أكبر على المحتوى الموجه بناءً على سلوك المتلقي، مما يعزز دور التقنيات التفاعلية مثل "التخصيص".
  • الإعلانات ستتخذ طابعاً شخصياً للغاية؛ بحيث يمكن لكل شخص مشاهدة إعلان مخصص له حتى في الأماكن العامة، مثل اللوحات الإعلانية في الشوارع!
  • تستند هذه التقنيات إلى تحليل سلوك المستخدمين عبر المنصات المختلفة، مما يمكّن من إنتاج محتوى وإعلانات موجهة دون تدخل بشري.
  • كما أن المحتوى التفاعلي والمعزز سيكون له دور كبير في المرحلة المقبلة، لا سيما مع التطورات التي تشهدها تقنيات الواقع المعزز (AR) والواقع الممتد (XR).. لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أن تجربة الميتافيرس لم تحقق النجاح المتوقع بسبب رفض العديد من الناس للانعزال الكامل الذي تفرضه هذه التقنيات.

وفيما يتعلق بمستقبل "المنصات الرقمية"، يرى الحارثي أن تجربة مشاهدة الأفلام والمواد التلفزيونية ستتغير بشكل كبير؛ مع ظهور أفلام تفاعلية يشارك فيها المشاهدون بشكل مباشر في الأحداث. كما توقع أن تشهد وسائل التواصل الاجتماعي تطورات كبيرة في أسلوب تقديم المحتوى، مما سيغير طريقة تفاعل المستخدمين مع هذه المنصات.

ويختتم الحارثي حديثه بالقول: إن المستقبل يحمل الكثير من الفرص لتطوير المحتوى الرقمي، مع استمرار التقنيات الذكية في تغيير قواعد اللعبة.

أخبار متعلقة :