نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
طموحات ترامب التوسعية تفسّر شعار «أميركا أولاً», اليوم السبت 11 يناير 2025 02:26 صباحاً
تبدو مخططات وطموحات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، بشأن شبه جزيرة غرينلاند وكندا وبنما، في كثير من الأحيان كأنها «هذيان» من قبل تاجر عقارات يساوي بين السياسة الخارجية والتجارة، والبحث عن صفقات جديدة.
لكنّ هناك أسلوباً في ذهنيته التوسعية، فترامب - بطريقته الفريدة - يتصارع مع قضايا الأمن القومي التي يتعين على الولايات المتحدة مواجهتها في عالم جديد يشكّله صعود الصين، وعدم المساواة في العولمة، وذوبان الجليد القطبي، وعدم استقرار القوى العظمى.
ويتجسد موقفه أيضاً في شعار «أميركا أولاً» لاستخدام قوة الولايات المتحدة لمتابعة مصالحها الوطنية الضيقة بلا هوادة، حتى من خلال إكراه القوى الحليفة الأصغر حجماً.
وفي الوقت ذاته، فإن اعتقاد ترامب أن الولايات المتحدة يجب أن تكون لها اليد العليا في الحكم في مناطق نفوذها، يعتبر تلميحاً مهماً بشأن كيفية قيام الرئيس الأميركي المقبل، بإدارة النقاط الساخنة الرئيسة في العالم، بما فيها الحرب في أوكرانيا.
لكن عصره الاستعماري في القرن الـ21، يمثّل مخاطرة كبيرة، ويبدو من المؤكد أنه سيصطدم بالقانون الدولي، وقد يعرض ترامب قوة أميركا للخطر، من خلال تدمير التحالفات التي بنيت على مدى أجيال، وتنفير الأصدقاء.
القوة العسكرية
يقوم ترامب بـ«صب الزيت على النار» في عالم متوتر ينتظر بقلق فترة ولايته الثانية. وعندما سأله أحد المراسلين، الثلاثاء الماضي، عما إذا كان يستطيع استبعاد استخدام القوة العسكرية لاستعادة قناة بنما، أو الاستيلاء على جزيرة غرينلاند ذات الأهمية الاستراتيجية، أجاب ترامب وهو في منتجع مارا لاغو: «لن أتعهد بذلك».
وشعر الكنديون بالراحة عندما علموا أن الرئيس الأميركي المنتخب لن يرسل (الفرقة 82) المحمولة جواً إلى بلادهم.
وكما هي الحال لدى ترامب، جاءت تهديداته بمزيج من الحقد والأذى، حيث كان هناك عنصر مميز من الهزل عندما سافر نجل الرئيس المنتخب، دونالد جونيور، بطائرة «بوينغ» خاصة بالعائلة إلى غرينلاند، مع وجود دمية لوالده على لوحة التحكم في قمرة القيادة.
ونشر الرئيس المنتخب على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» قبل وقت قصير من هبوط طائرة ابنه في الجزيرة الدنماركية: «اجعل غرينلاند عظيمة مرة أخرى».
صفقات أفضل
وعلى الأرجح، فإن ترامب لن يحصل على ما يريد من كندا وغرينلاند وبنما، لهذا فإن استراتيجيته ربما تهدف إلى حصول الولايات المتحدة على صفقات أفضل، بما فيها حصول السفن الأميركية على خصم في الرسوم لدى عبورها قناة بنما التي تعدّ الممر المائي الرئيس بين المحيطين الأطلسي والهادئ، إضافة إلى زيادة وصول أميركا إلى المعادن النادرة في غرينلاند، والطرق البحرية التي كشف عنها ذوبان الجليد القطبي، فضلاً عن اتفاقية تجارية جديدة مع كندا قد تعود بالنفع على الشركات الأميركية المصنعة.
ومن المؤكد أن ترامب سيصور أياً من ذلك على أنه فوز «هائل» كان بإمكانه تحقيقه، حتى لو انتهى الأمر إلى أن تكون «عملية تجميلية» إلى حد ما، مثل اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا في ولايته الأولى.
«أميركا أولاً»
غير أن تهديدات ترامب، توضح وتفسّر واحداً من الأسس المنطقية لسياسته الخارجية، والتي مفادها أنه يجب على كل دولة أن تسعى بقوة إلى تحقيق أهدافها من جانب واحد، بطريقة من شأنها أن تعود بالنفع حتماً على الدول القوية والغنية، مثل الولايات المتحدة.
وقال ترامب للجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 2020: «كوني رئيس دولة، فقد رفضت الأساليب الفاشلة التي كانت متبعة في الماضي، وأنا أضع (أميركا أولاً) بفخر، تماماً كما يجب أن تضعوا بلدانكم في المقام الأول، وهو ما يجب أن تفعلوه».
وهذه العقيدة السياسية مستخلصة من حياة حاول فيها ترامب دائماً أن يكون الشخص الأكثر عدوانية أينما حل، في السعي إلى تحقيق «الانتصارات» على المعارضين الأضعف. وهذا يفسّر ملاحظته أن الدانمارك يجب أن تسلم غرينلاند، وهي كيان يتمتع بالحكم الذاتي داخل مملكتها، لأنها مهمة لأمن الولايات المتحدة. وإذا لم يحدث ذلك، قال ترامب: «سأفرض تعرفات جمركية على الدنمارك بمستوى عالٍ جداً».
التحالفات
ووصف الرئيس المنتخب قرار الولايات المتحدة بتسليم قناة بنما عام 1999، بموجب اتفاقية وقعها الرئيس الراحل جيمي كارتر، بأنه «حماقة» أهدرت مزايا القوة الأميركية. وزعم زوراً أن السفن الأميركية تعرضت للتمييز في رسوم العبور، وأن الصين وليس بنما، هي التي تدير الممر المائي، في إشارة إلى أن شركات مملوكة لبكين تدير بعض الموانئ في بنما.
ويوضح أسلوب ترامب القاسي، السبب الذي يجعله لا يرى الكثير من الاختلاف بين حلفاء الولايات المتحدة وأعدائها، حيث اشتكى - مثلاً - الثلاثاء الماضي، من أن كندا التي تعد أقرب أصدقاء الولايات المتحدة إليها جغرافياً، كانت تستفيد من مظلة الدفاع الأميركية، وبالتالي يجب أن تكون ولاية وليس دولة.
وتنبذ هذه النظرة، النظام الليبرالي الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يرى التحالفات كاستثمارات، تضاعف القوة الأميركية، وتحمي الديمقراطية والحرية.
تناقض
ربما سيتناقض إرسال الجيش الأميركي للاستيلاء على قناة بنما أوغرينلاند، مع تحذيرات حملة ترامب الانتخابية بأن الولايات المتحدة يجب أن تتجنّب التورط في مشكلات جديدة مع القوى الأجنبية، لكنها في الوقت نفسه تجسد أيديولوجية وشعار «أميركا أولاً».
وقال أستاذ الشؤون العالمية في كلية «جونز هوبكنز» للدراسات الدولية المتقدمة، هال براندز، في مقابلة أجرتها معه مجلة «فورين أفيرز» خلال مايو الماضي، إن التراجع عن العالم القديم في فترة ولاية ترامب الثانية يمكن استبداله بـ«الاتفاقات ضمن القارة» التي قد «تحل محل العولمة».
ويمكن أن يكون هذا بمثابة تحديث للعقيدة التي نشرها الرئيس الأميركي السابق جيمس مونرو في عام 1832، وأضاف إليها الرئيس ثيودور روزفلت في ما بعد نتيجة تكميلية مفادها أن الولايات المتحدة يجب أن تحمي الأرواح والممتلكات في دول أميركا اللاتينية.
دور عالمي
تعكس رؤية ترامب التوسعية ثقة مطلقة، بينما يستعد لبدء ولايته الثانية التي يصمم من خلالها على ترك علامة تحدد عصر الدور العالمي لأميركا. وقد يكشف تجسيده لمبدأ «انتصار القوي على الضعيف»، نهجه في التعامل مع قضايا عالمية أخرى، أبرزها الحرب في أوكرانيا.
وكان ترامب قال إنه يفهم مخاوف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من أن أوكرانيا قد تنضم إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وربما تمنح مواقف ترامب السعادة لمؤيديه، لكن العديد من الأجانب يقولون إنه «شخص متغطرس»، إذ يعتبرون أن محاولته الاستيلاء على قناة بنما «قرصنة جيوسياسية»، فيما يؤكدون أن غزو غرينلاند سيجعل القانون الدولي محل استهزاء.
وسخر رئيس حكومة كندا جاستن ترودو، الذي استقال أخيراً، من مخططات ترامب التوسعية بشأن ما سماه «الشمال الأبيض العظيم». وقال ترودو على منصة «إكس»: «لا توجد فرصة في الجحيم بأن تصبح كندا جزءاً من الولايات المتحدة». وتظهر ردة فعل ترودو، الجانب السلبي لنهج ترامب، فقد يؤدي تنمّره على أصدقاء أميركا إلى تنفير شعوب بأكملها. عن «سي إن إن»
مخاوف
يخشى بعض خبراء السياسة الخارجية من أن تؤدي التهديدات والضغوط الأميركية على أميركا اللاتينية إلى دفع الدول للاقتراب من الصين. وعلى الأرجح أن تؤدي الإهانات التي وجّهها الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب لكندا، إلى تشدد موقف الشعب هناك إزاء ترامب، بحيث يصبح من الصعب على رئيس حكومة كندا المقبل عقد صفقات مع الولايات المتحدة.
وقد يؤدي تجاهل ترامب لوطنية الشعوب الأخرى أيضاً إلى تسميم أطول صداقات أميركا أمداً، فضلاً عن تخويف شعوب بأكملها. وقالت عضو البرلمان الدانماركي، آغا شيمنيتز التي تقيم في غرينلاند: «الأغلبية في غرينلاند تجد الأمر مخيفاً للغاية، وغير مريح مطلقاً أن تظهر الولايات المتحدة بطريقة غير محترمة، برغبتها في شراء غرينلاند أو السيطرة عليها».
. تجسيد الرئيس الأميركي المقبل لمبدأ «انتصار القوي على الضعيف» يكشف عن نهجه في التعامل مع القضايا العالمية.
. عقيدة ترامب السياسية مستخلصة من حياة حاول فيها دائماً أن يكون الشخص الأكثر عدوانية أينما حل.
أخبار متعلقة :