نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مصر.. لماذ تزايدت حالات الانتحار بين الطلاب؟, اليوم الأربعاء 5 فبراير 2025 12:25 مساءً
انتشرت في الآونة الأخيرة، في مصر، حالات الانتحار والانهيارات العصبية بين الطلاب سواء بسبب إخفاقاتهم أو حصولهم على درجات متدنية لا تتوافق مع طموحاتهم وأحلامهم.
ولعل أحدث هذه الوقائع، واقعة طالب بمحافظة المنوفية، شمال القاهرة، يدعى محمد. أ ويبلغ من العمر 15 عامًا، والذي ألقى بنفسه في مياه النيل، بعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية، ولم يحصل على الدرجات التي كان يطمح بها. وذلك وفق وسائل إعلام محلية.
كما شهدت مدينة كفر الدوار بمحافظة البحيرة، شمالي مصر، محاولة انتحار طالبتين بعد رسوبهما في الامتحان، حيث تناولتا أقراصًا سامة بهدف إنهاء حياتهما.
وفور انتهاء ماراثون الثانوية العامة، انتحر أحد الطلاب بصعيد مصر حيث كان يعاني من ضغط نفسي شديد بسبب الامتحانات، وكان يعيد السنة الدراسية للمرة الثانية بسبب إخفاقه وخروج نتيجته بالرسوب في عدد من المواد.
وبينما توفي طالب آخر بلجنة امتحانات حدائق القبة بالقاهرة، أثناء أدائه امتحان مادة التربية الدينية، وذلك إثر إصابته بهبوط حاد في الدورة الدموية.
أسباب انتحار الطلاب
أوضح الأستاذ ومدير مركز رصد ودراسة المشكلات المجتمعية بجامعة أسيوط، الدكتور علي كمال معبد، أن الحالة النفسية للطالب تتأثر بعدة عوامل على رأسها الأسرة والمجتمع والبيئة التعليمية، ويعد انتشار حالات الانتحار بين الطلاب من أبشع الظواهر التي أصبحت تدق ناقوس الخطر وتستلزم تكاتف جميع الجهات المعنية لمعالجتها.
وأضاف أنه على سبيل المثال، "يجب على الأسرة باعتبارها المؤسسة التربوية الأولى أن تهتم بتربية وإعداد الأبناء بشكل صحيح، وتغرس لديهم القيم والمفاهيم الاجتماعية والدينية القويمة والثقافات الإيجابية التي تسهم في صقل شخصياتهم، وجعلهم أشخاصا أسوياء مدركين للمعنى الصحيح لحسن التوكل وبذل الجهد والرضا بالقضاء والقدر، بالإضافة إلى ضبط النفس وعدم اتخاذ قرارات انفعالية أو عشوائية وطائشة".
وتابع أنه "كما يجب توعية الأبناء بضرورة حسن انتقاء الأصدقاء والبعد عن رفاق السوء، وعدم التقليد الأعمى لأي تصرف خاطئ، خاصة وأن بعض حالات الانتحار قد تتم بسبب التقليد الأعمى في ظل العولمة والثقافات الغربية الدخيلة على مجتمعنا".
وقال معبد، أن "كليات التربية تحرص على تأهيل المعلمين بشكل صحيح من خلال البرامج التربوية والأكاديمية المعدة بعناية لتمكينهم من التعامل مع الطلاب بشكل سليم، ودعم الصحة النفسية لهم وتقويمهم والمساهمة في بناء شخصياتهم، خاصة وأن الطلاب يقضون أوقاتا طويلة بالمؤسسات التعليمية، وبالتالي فإنهم يتأثرون بشخصيات معلميهم بل وقد يتخذونهم قدوة لهم".
وأكد أيضا ضرورة أن يقوم الأخصائيون النفسيون بالمدارس والمؤسسات التعليمية بواجبهم على أكمل وجه، والمتمثل في مراقبة سلوكيات الطلاب وإعداد التقارير حولها واكتشاف الطلاب الذين يعانون من مشكلات نفسية، سواء العنف أو التمرد أو أولئك الذين لديهم ميول للانتحار، ثم إعداد البرامج اللازمة لتقويمهم وتعديل سلوكياتهم وحمايتهم من الانحراف.
الإحباط والخوف من العقاب
من زاوية أخرى، يوضح استشاري الصحة النفسية والعلاج النفسي، الدكتور أحمد عبد المنعم، أن انتحار الطلاب أو محاولات إيذاء أنفسهم بعد ظهور النتائج الدراسية أصبحت ظاهرة تؤرق المجتمع بعد تفشيها في الآونة الأخيرة.
وأضاف أن انتشار هذا السلوك الخطير يرجع للعديد من الأسباب النفسية والاجتماعية المتشابكة، من أهمها الضغط النفسي والعائلي، خاصة وأنه في بعض الأحيان تكون توقعات الأهل فوق قدرة الطالب، فتسيطر عليه مشاعر الإحباط أو الخوف من العقاب عند فشله في تحقيق النتائج المطلوبة.
وأشار إلى خطورة تعرض الطلاب للمقارنات الاجتماعية والتنمر وعدم تقديم الدعم النفسي لهم، وعدم الاستماع لمخاوفهم ومساعدتهم على تجاوزها. كما أكد أن من أهم أسباب الوصول للانتحار وغيره من السلوكيات الخطيرة هو غياب ثقافة تقبل الفشل، وعدم التوعية بكيفية التعامل معه بشكل إيجابي، بالإضافة إلى معاناة الكثيرين من الاضطرابات النفسية والضغوط المتراكمة.
العلامات التحذيرية
يقول عبد المنعم إن هناك بعض العلامات التحذيرية التي قد تشير إلى إصابة الشخص أو الطالب بمشكلات نفسية، وتستلزم في بعض الأحيان التواصل مع المختصين في مجال الصحة النفسية لحماية الطالب من التراكمات والضغوطات النفسية التي قد تدفعه للانتحار.
وأوضح أن أهم الأعراض التي تدق ناقوس الخطر تتمثل في الانعزال المفاجئ أو فقدان الاهتمام بالحياة، بالإضافة إلى التحدث عن مشاعر اليأس أو الرغبة في الاختفاء، وحدوث تغيرات مفاجئة في النوم أو الأكل أو السلوك. وأشار إلى أنه عند ظهور هذه الأعراض لابد أن يتدخل الأهل بسرعة لتقديم الدعم المناسب والاستعانة بالمتخصصين النفسيين إذا لزم الأمر.
المواجهة والحلول
يقدم استشاري الصحة النفسية والعلاج النفسي مقترحاته لمواجهة المشكلة، مؤكدا ضرورة التوعية بأن الفشل ليس نهاية العالم، بل فرصة للتعلم وتحسين الأداء، بالإضافة إلى أهمية تقديم الدعم النفسي للطلاب، وإعادة تعريف مفهوم النجاح بحيث لا يكون محصورا في الدرجات فقط، بل يشمل تنمية المهارات والشخصية.
كما أكد أهمية تعزيز التواصل بين الأهل وأبنائهم ليكون هناك مساحة للحوار والتعبير عن المشاعر دون خوف، وضرورة أن يقوم الإعلام بدوره على أكمل وجه في التصدي لظاهرة الانتحار، من خلال تقديم مواد تثقيفية عن الضغوط النفسية التي يتعرض لها الأبناء، وأفضل السبل لمواجهتها.
ويؤكد أيضا أن الأسرة تعد خط الدفاع الأول لحماية الأبناء من الوقوع في فخ الانتحار، فيجب أن تلعب دورًا أساسيا في حمايتهم من التأثر السلبي واللجوء إلى إيذاء أنفسهم مهما كانت الظروف، وذلك من خلال توفير بيئة داعمة وتقديم الحب غير المشروط، بحيث يشعر الأبناء بأن حب أهاليهم لهم لا يعتمد على درجاتهم، بل على شخصيتهم وجهودهم.
0 تعليق