نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"طلب رسمي في إهدار المال العام".., اليوم الأربعاء 29 يناير 2025 05:10 مساءً
نشر في باب نات يوم 29 - 01 - 2025
كتبه/ توفيق زعفوري *
أستهل هذا المقال بمقولة، مأثورة و مؤثرة للراحل الهندي غاندي، يقول، "التطهير، أهم من الإستقلال "
L'assainissement est plus important que l'indépendance
و تنطبق تماما على ما أُثير أمس من رئيس هيكل يدّعي تنظيم قطاع السياحة و هو براء منه، و التنظيم و التطهير في نظره يكون عبر الإستغناء عن خدمات المرشد السياحي الوطني المحترف في الرحلات المحلية و ربما لاحقا في الرحلات الأجنبية و تعويضه بمرافق تابع لوكالات الاسفار، أو دليل محلي، في سقطة أخلاقية غير مسبوقة تدل على دونية في التعامل مع السائح المحلي الذي من حقه الإنتفاع بخدمات مميزة من دليل وطني محترف تماما مثل السائح الأجنبي، فالمرشد السياحي هو الأقدر وظيفيا، على التعريف بالمخزون الثقافي و الحضاري و تثمينه، و في الدول المتقدمة التي تحترم تاريخها تنظم المدارس رحلات تثقيفية للمتاحف و المواقع الأثرية مصحوبين بأدلاء سياحيين، و ليس بأدلاء محليين أو مرافقين، غير أن مقدم المشروع إرتأى التعويل على أشخاص ليس لهم الصفة لتحسين الخدمات المسداة للسائح المحلي و الأجنبي، و لضمان جودتها، يطلب من سلطة الإشراف تمويلا من المال العام قدره نصف مليار للإخلال بالقوانين المنظمة للقطاع السياحي لجهله بالدور المحوري للدليل السياحي في الرحلات المنظمة، إضافة لإنكاره صفة "سائح" عن التونسيين،الذين يدفعون أحيانا أثمانا أغلى حتى من الأجنبي..
تندرح مسودة مشروع القانون، في إطار سياسته المعهودة في اقصاء و تهميش و هرسلة خيرة عناصر المنتوج السياحي، الذي إستثمرت الدولة و لازالت من المال العام المليارات لتكوينه و إدماجه في سوق الشغل ، ثم عندما يطالب بأجر يحفظ كرامته يصطدم بجشع هؤلاء الذين لا يقدرون سنوات تكوينه و ثقافته و طول خبرته فيكون الحل من أسهل ما يكون، و هو الهروب إلى الأمام و اقصاء الأدلاء تماما من المشهد و كأنهم زائدون على النصاب،و بإعتبارهم الحلقة الأضعف في نظره، لا مشكلة في الإستغناء عنهم و تعويضهم بمن هم دونه ، متناسيا أن من أهم أسباب خراب المشهد برمته هو إيلاء الفاشلين و عديمي الخبرة في مراكز متقدمة سواء في الإدارة أو على رأس مجموعة سياحية..
إن الإتحاد الوطني للمرشدين السياحيين المستقلين ، الهيكل الوحيد المنظمة للمهنة رسميا و فعليا سيبقى وفياً لمبادئه و أولها الدفاع على مصالح منظوريه و على حقهم في الوجود و في العمل تماشيا مع الفصل 46 من دستور 2022 الذي يعتبر" العمل حق لكل مواطن و تتخذ الدولة التدابير الضرورية لضمانه على أساس الكفاءة" لكن الواضح أن الغاية من مسودة المشروع هو تقنين و تشريع ماهو غير قانوني خدمة لمصالح وكالات معينة و هي خطوة أولى لإقصاء المرشدين السياحيين من المشهد تماما، فنكون بذلك قد أنفقنا الملايين من أجل تجويد المنتوج السياحي فوجدنا أنفسنا في أزمة تردي الخدمات و خاصة خدمات الإرشاد السياحي و هي أشبه بعملية القفز في الهواء ناتجة عن قصور نظر و إنعدام خبرة تسيير و ليس كما يدعي رئيس الجامعة المهنية لوكالات الاسفار نقص في المرشدين و إنما في عزوفهم عن التعامل مع شركات لا تقدر أهمية خدماتهم و تمعن في تهميشهم و احتقارهم عبر أجور أقل من يقال فيها أنها مهينة لكفاءتهم و خبرتهم،من قبل وكالات فاشلة تعهد هذا الاخير بحمايتها عبر تمرير مسودة هذا القانون..
إن تمرير هكذا مشاريع، مرتجلة و غير مدروسة من شأنه أن يخلق أزمة اجتماعية و حالة احتقان شديدة في أوساط المرشدين السياحيين الذين لن يصمتوا عن الدفاع عن حقهم في العمل في ظروف تحفظ كرامتهم بكل المقاييس و اتخاذ الخطوات النضالية الضرورية، و تجميل المسؤوليات، كما ورد في نص البيان الصادر في صفحة الاتحاد الوطني للمرشدين السياحيين المستقلين هذا رابطه :
(*) متحصل على الأستاذية في التاريخ و مرشد سياحي وطني محترف.
تابعونا على ڤوڤل للأخبار
.
0 تعليق