مع الشروق .. انتصار الإرادة على القوّة

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق .. انتصار الإرادة على القوّة, اليوم الأربعاء 22 يناير 2025 10:29 مساءً

مع الشروق .. انتصار الإرادة على القوّة

نشر في الشروق يوم 22 - 01 - 2025

2341511
في مشهد يعكس عمق الإخفاق الإسرائيلي واستمرار صمود الشعب الفلسطيني، جاء اتفاق الهدنة بين الكيان الصهيوني وحركة حماس ليؤكد حقيقة واحدة لا يمكن إنكارها، أن المقاومة الفلسطينية فرضت إرادتها السياسية والعسكرية على أعتى قوى الاحتلال، فبعد عدوان دامٍ وظالم شنّه الاحتلال على غزة عقب عملية "طوفان الأقصى"، فشل الكيان في تحقيق أي من أهدافه المعلنة، ليُضطر في النهاية إلى القبول باتفاق هدنة يمثل انتصارًا للمقاومة وإعلانًا صريحًا لفشل المشروع الصهيوني في كسر إرادة الفلسطينيين.
لم يكن الاحتلال الصهيوني يتوقع أن تواجه حملته العسكرية على غزّة، المدعومة بآلة دمار هائلة وقوى استخباراتية متطورة، مقاومة بهذا المستوى من الصمود والإبداع العسكري، فبينما كان الاحتلال يخطط لإخضاع غزة خلال أيام قليلة، وجد نفسه يغرق في مستنقع من المقاومة الشعبية المسلحة التي امتدت ل471 يومًا من الصمود الأسطوري، ورغم قصفه الوحشي الذي استهدف الأحياء السكنية والبنية التحتية، ظلت حماس وقوى المقاومة قادرة على إدارة المعركة، مستندة إلى حاضنة شعبية صلبة ومجتمع يرفض الاستسلام.
ورغم ما تسلحت به آلة الحرب الصهيونية من مدد وإسناد من القوى الاستعمارية، وجدت نفسها عاجزة أمام صمود الشعب الفلسطيني الذي لقّن جيشها المدجج دروسًا في استنزاف القوة وهزيمة الايديولوجيا العسكرية القائمة على البطش والدمار، ومع مرور الأيام باتت حكومة الاحتلال تواجه الضغوط الدولية والمحلية، واضطرت إلى القبول باتفاق لا يلبي أيًا من أهدافها العسكرية والسياسية.
ورغم إعلان اتفاق الهدنة، فإن حالة التمزق الداخلي داخل الكيان الإسرائيلي تعكس مدى هشاشة هذا الاتفاق وتناقضاته، ففي الوقت الذي تسعى فيه حكومة بنيامين نتنياهو إلى تصوير الاتفاق كضرورة مرحلية لضمان الأمن الإسرائيلي، يتصاعد الغضب داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية، خاصة من جانب الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تعتبر الاتفاق استسلامًا مذلًا أمام حماس.
فتصريحات نتنياهو التي يهدد فيها باستئناف الحرب وسحق المقاومة الفلسطينية لم تكن سوى محاولة لامتصاص غضب اليمين المتطرف، الذي بات يشكك في قدرة حكومته على الحفاظ على ما يعتبرونه زورا وبهتانا "أمن إسرائيل"، وما التصريحات المماثلة الصادرة عن وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش، الذي طالب بإعادة النظر في الاتفاق ودعا فيها إلى مواصلة الحرب على غزّة، إلاّ خطوة تعكس مدى الفشل السياسي للحكومة الإسرائيلية في إدارة هذا الصراع.
ولا شكّ أن الاحتلال الإسرائيلي، الذي شنّ عدوانه الأخير على غزة بحجة القضاء على حماس وتدمير بنيتها العسكرية، خرج من المعركة خالي الوفاض، إذ لم ينجح في تحقيق أيّ من أهدافه المعلنة، سواء بتفكيك المقاومة أو بإضعاف الحاضنة الشعبية الفلسطينية، بل على العكس من ذلك تماما، حيث عززت المعركة موقع حماس وقوى المقاومة في الداخل الفلسطيني، وظلت الحاضنة الشعبية وفية للمقاومة، متجاوزة كل المجازر والدمار الذي خلفه الاحتلال.
وبات الفشل الإسرائيلي واضحا للعيان في تحقيق أهدافها على جميع المستويات، إذ لم تنجح في كسر إرادة المقاومة، ولم تحقق السيطرة العسكرية على القطاع، ولم تؤمّن مستوطنات "غلاف غزة" من تهديد الصواريخ، بل وأخطر من ذلك، بعد أن وجد الاحتلال نفسه في مواجهة تآكل نظريته الأمنية التي تقوم على فكرة الردع، مع تصاعد السردية الفلسطينية التي أكّدت أن الصهاينة ليسوا في مأمن حتى داخل أراضيهم.
ووفق كل المعادلات، يمثل الاتفاق انتصارًا حقيقيًا للمقاومة الفلسطينية، التي نجحت في إفشال أهداف الاحتلال وفرض شروطها على طاولة التفاوض، و استطاعت الحفاظ على تماسكها العسكري والإداري رغم العدوان، وأكدت للعالم أن غزة ليست مجرد بقعة محاصرة، بل نموذجًا للصمود والإبداع في مواجهة العدوان.
ويمكن القول أن اتفاق الهدنة بين حماس والكيان الصهيوني ليس مجرد اتفاق سياسي أو عسكري، بل هو انتصار لإرادة الشعوب على القوة الغاشمة، فقد أثبتت غزة أن المقاومة ليست خيارًا وحسب، بل هي ضرورة لتحرير الأرض والحفاظ على الكرامة، وبينما يواصل الاحتلال تهديداته، تبقى غزة رمزًا للصمود والتحدي، وشعلة أمل تلهم الأجيال القادمة بأن النصر ممكن، مهما كانت التضحيات.
هاشم بوعزيز

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق