نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حراك ديبلوماسي كبير: تونس تستعيد إشعاعها التاريخي في إفريقيا, اليوم السبت 18 يناير 2025 02:11 مساءً
نشر بوساطة فؤاد العجرودي في الشروق يوم 18 - 01 - 2025
يأتي توافد المسؤولين الأفارقة على تونس في الآونة الأخيرة ليؤكد صواب الخيارات الإستراتيجية الجديدة التي أعادت بلادنا إلى دورها الإقليمي كنموذج للتحرر.
تونس التي وهبت إسمها القديم «إفريقية» للقارة السمراء تعود بقوة إلى محيطها الطبيعي إفريقيا بعد عقود من الإنعزال تحت المظلة الأطلسية بفضل عاملين اثنين أولاهما سياسة التعويل على الذات التي من شأنها أن تقوي ثقة الأفارقة في قدراتهم وثانيهما استعادة ثوابت دولة الإستقلال المناهضة لمنطق الإنحياز وكل أشكال الهيمنة ترسيخا لحق كل الشعوب في نحت مصيرها بما يتوافق مع قدراتها وخصوصياتها.
والواضح أن هذه الثوابت الوطنية تلتقي مع مسار الإنعتاق الإفريقي لتدفع به إلى الأمام بما يفتح أفقا جديدا أمام شعوب المنطقة يجسد تطلعاتها نحو تحقيق استدامة الأمن والرخاء من خلال تشبيك المصالح فيما بينها وإعطاء محتوى ملموس لأطر التعاون القائمة وفي مقدمتها المنطقة الإفريقية للتبادل الحر والواضح أيضا أن تونس التي تجنبت القطع الراديكالي مع المعسكر الغربي دون أن تتنازل عن حقها في تقرير مصيرها بعيدا عن كل أشكال الوصاية والتأثير صنعت التموقع الإستراتيجي الذي يتناغم مع مزاج شعبها وقدراته ويوفر في الآن نفس «الملاذ الأمن» لسائر الدول التي تريد أن تتأى بنفسها عن شضايا التصادم الراهن بين العالمين القديم والجديد وتتطلع إلى طريق ثالثة تنقل البشرية من صراع القوة إلى سباق الحضارات وهو ما كان عبر عنه رئيس الدولة قيس سعيد بتأكيده في عديد المناسبات أن المجتمع الإنساني سيتغلب على النظام الدولي.
وبالنتيجة بدأت تونس تستعيد إشعاها التاريخي في القارة السمراء التي تعيش على وقع تغيير ثقافي عميق أفرزه الوعي التراكمي بتلازم التخلف وعدم الاستقرار مع الاستعمار الاقتصادي والثقافي الغربي وبالتالي أصبحت الشعوب الإفريقية شديدة الحساسية إزاء كل أشكال الاستغلال والعلاقات العمودية متأثرة بنماذج الإنعتاق في محيطها ولاسيما إلغاء نظام الميز العنصري في جنوب إفريقيا وتجربة رواندا التي تحولت بفضل الشراكة مع الصين إلى نموذج للتحضر والنمو الاقتصادي المتسارع بعد أن استنزفها الإرث الإستعماري البليجيكي على امتداد عقود طويلة انتهت بحرب أهلية أودت بحياة قرابة مليون مواطن رواندي. وعلى هذا الأساس تتحمل سائر تشكيلات النخبة الوطنية واجب إسناد التموقع الجديد لتونس بمد جسور التواصل مع الشعوب الإفريقية وتكثيف الفعاليات المشتركة بقدر ما تتحمل مؤسسات الدولة مسؤولية ترسيخ حضور تونس في محيطها الإفريقي فقد حان الوقت لتكون لبلادنا سفارة في كل بلد إفريقيا وخطوط نقل جوي وبحري تسهل تبادل الوفود مع والسلع وفروع بنكية تؤكد مدى جديتنا في دفع الشراكة الإفريقية إلى أعلى المستويات. وبالمحصلة حان الوقت لرؤيا عملية مشتركة لتجسيم التلازم بين تحرر تونس وإنعتاق إفريقيا لأن الرهانات كبيرة فالقارة السمراء مقبلة على مرحلة بناء ستفتح آفاقا غير مسبوقة أمام الاقتصاد الوطني لاسيما من خلال المساهمة الفاعلة في تحقيق الإندماج الإفريقي في المسارات الجديدة وفي مقدمتها مبادرة حزام وطريق القادرة على تحويل شعار الإزدهار المشترك إلى واقع ملموس .
الأولى
.
0 تعليق