طالِعٌ هو مِنَ القَرنِ العاشِرِ الميلاديِّ، يَومَ تَزاحَمَت مَملَكَتانِ أرمَنِيَّتانِ على تُرابِ أرمينيا المُقَدَّسَةِ: الباغراتونيԲագրատունյաց Արքայական Տոհմ في الشَمالِ، والأردِزروني Արծրունի في الجَنوبِ، على تَضارُبِ حِماياتِ بيزِنطيَةَ والأعرابِ.

أتُراهُما كانَتا إستِعاداتَينِ لِمَشهَدِيَّاتِ تَصارُعِ مَملَكَتَي الشَمالِ والجَنوبِ اليَهودِيَّتَينِ، في زَمَنِ إنتِظارِ المَسيحِ-النورِ، الآتِيَ خَلاصاً لا مُستَنفِراً لِفَيالِقَ عُنفٍ وَلا قائِداً لِتَمَزُّقاتِ أرضٍ؟

هو الطالِعُ مِن رَحَمِ شَعبٍ، تاريخُهُ دَربُ صَليبٍ صَوبَ القيامَةِ، أرسى في الثَباتِ إيمانَ شَعبِهِ وأرضِهِ. إنهارَتِ التَضارُباتُ المُتَبَدِّلَةُ، وَطَواها التاريخُ بِوَثبَةٍ، وَبَقيَ وأرضُهُ وَشَعبُهُ، الصَخرَ المُقَدَّسَ-المُقَدِّسَ. إنَّهُ Գրիգոր Նարեկացի، غريغوريوسُ الناريكي (أو كريكور ناريغاتسي). الراهِبُ-المُتَصَوِّفُ، المُرَبّي، الشاعِرُ-الموسيقِيُّ، المَولودُ في ناريك بَينَ عامَي 945 و951 والمُتَوَفي العام 1003 أو حوالي 1010... طَليعَةُ كِبارِ أرمينيا.

لَم يَعرِف لبنانَ، وَلا زارَهُ.

هو قَرأ عَنهُ في الكِتابِ المُقَدَّسِ. فَما إبتَغى سِوى أن يَكونَهُ، وأن تَكونَهُ أرمينيا. هو المُتَّحِدُ في كيانِيَّتِهِ مَعَ كِيانِيَّتِها: "لا كائِنَ، وَلا مَخلوقَ، لا شَيءَ يُمكِنُ أن يَستَوعِبَ الهارِبَ الذي أنا عَلَيهِ: لا الشُقوقَ، وَلا الهاوياتِ التي لا قاعَ لَها، وَلا القِمَمِ الشاهِقَةَ، (...) وَلا الصَرَخاتِ، وَلا الأنينَ، وَلا فَيَضاناتِ الدُموعِ، وَلا الأصابِعَ التي تَتَحَرَّكُ، وَلا الأذرُعَ التي تَلتَوي، وَلا الأفواهَ التي تُصَلِّي..." (الصَلاةُ-المَرثِيَةُ 40).

لا شَيءَ، لا مَخلوقَ، لا كائِنَ؟

بَلى. لبنانَ!

هذا الوَطَنُ المُخاطِبُ "اللهَ النورَ"، وإذ "النورُ اللهُ" مُحاوِرُهُ حينَ العالَمُ بإمبراطورِيَّاتِهِ وَبَطشِ جُيوشِهِ وَتَلاغيَ شُعوبِهِ مُمَزَّقٌ في هاوِيَةِ رَذائِلِهِ.

هو الرافِعَهُ لِلأُلوهَةِ كَينونَةٍ-نَموذَجٍ لِلخَلاصِ. خَلاصُهُ هو كَناريكيٌ مؤمِنٌ، وَخَلاصُ أرمينياهُ. بِهِ وَلَهُ.

أُمَوِيَّةُ الخُصوصِيَّةِ

تَوقُهُ-النِذرُ دِوَّنَهُ في كِتابِ الصَلَواتِ/المَراثِيՄատեան ողբերգութեան ، المَعروفِ بِـ"الحوارِ الطَويلِ مَعَ الرَبِّ"، مِن خَمسَةٍ وَتِسعينَ فَصلاً في النَثرِ المَوزونِ أو الآياتِ الحُرَّةِ، ألأَعلَتهُ التَقوى الشَعبِيَّةُ لِمَرتَبَةِ الكِتابِ المُقَدَّسِ.

في المَرثِيَةِ-الصَلاةِ الثانِيَةِ: "مِن أعماقِ القَلبِ حِوارٌ مَعَ الرَبِّ"، كَتَبَ:

"الآنَ، بِما أنَّكَ تَدعو الرَبَّ العَلِيَّ بِشِفاهٍ بَشَرِيَّةٍ،

هو مَن لا يُقنَعُ إلَّا بالأفعالِ لا مِن هِبَةِ البَلاغَةِ الفاسِدَةِ...

أنا غَريبٌ شَجاعَتي زَهيدَةٌ.

أنا أشَدُّ جُمودًا مِن مَدينَةِ الأصنامِ بابِلَ...

أخلاقي أشَدَّ تَقَهقُرًا مِن أخلاقِيَّاتِ الجَليلِ وأنا أكثَرُ إستِحقاقاً لِعَدَمِ المَغفِرَةِ مِن كَفرناحومَ... الكافِرَةِ.

ها أنا ذا ذابِلٌ.

... أنا صورَةٌ لِلعُقوباتِ الأخيرَةِ لِأورشَليمَ، بِحَسَبِ كَلِمَةِ الرَبِّ.

.... أنا قُضبانُ بابٍ مُحَطَّمَةٌ وَمَبنىً روحِيٌّ مُلَوَّثٌ مِن جَديدٍ.

... أنا بَيتٌ بَناهُ الرَبُّ، مَهجورٌ..."

وَمَن مُنقِذُهُ؟ هو يَقولُها:

"أنا أكثَرُ إستِحقاقًا لِلتَوبيخِ قَدرَ ما مَجَّدتَ صورَ،

وأشَدُّ إستِحقاقًا لِلرَفضِ قَدرَ ما أعلَيتَ صَيدا".

مِنَ الأعماقِ، الناريكي يَبغي الرِفعَةَ نَقيضَةَ الغُربَةِ-الإغتِرابِ، قَدرَ لبنانَ-صورَةِ-الأُلوهَةِ.

لبنانُ الناريكيُّ خُصوصِيَّةٌ أُمَوِيَّةٌ تَرفَعُ مَن في الهاوِيَةِ الى التألُّهِ بِمِلءِ كيانِيَّتِهِ كَما تَمجيدُ الرَبِّ لِصورَ.

لبنانُ غريغوارُ-المُعَلِّمُ أُمَوِيَّةُ خُصوصِيَّةٍ تُقيمُ الحُرَّ في الأُلوهَةِ بِمِلءِ خاصِيَّتِهِ كَما إعلاءُ الرَبِّ لِصَيدا.

بِوَجهِ إنتِهاكِ أنسَنَةِ الإنسانِ، مِن بابِلَ الى ... الجَليلِ فَكفرناحومَ، فأورشَليمَ...

هو لبنانُ القيامِيُّ، مُحَطِّمُ أغلالَ العُبودِيَّاتِ والإستِعباداتِ، مُطَهِّرُ الروحَ، مَسكِنُ الأُلوهَةِ الحَقِّ.

قُلتُ: "مُعَلِّمٌ"؟ هو الحَبرُ الأعظَمُ فرنسيسُ أعلَنَهُ، أحَدَ الرَحمَةِ الإلَهِيَّةِ 12 نيسانَ 2015، في الذِكرى المِئَوِيَّةِ الأولى لِلإبادَةِ الأرمَنِيَّةِ، مَلفاناُ لِلكَنيسَةِ لِيَغدوَ الثانيَ مِن كَنيسَةِ المَشرِقِ بَعدَ مار إفرامَ السِريانِيَّ.