
من نجار إلى فنان تشكيلي.. كيف تحولت محنة حسام إلى منحة بعد بتر أصابعه؟
في قلب المأساة ثمة خطوط من البهجة دائمًا، وفي المعاناة واليأس أمل يظهر، فبعد أن فقد أمله في الحياة مع بتر أصابعه يتحول «حسام الزيدي» إلى فنان تشكيلي للتحف الفنية الخشبية، يشكلها كما لو أنها صلصال بيديه بموهبة لا مثيل لهما بين أقرانه.
«حسام» شاب يبلغ من العمر 28 عامًا، خريج دبلوم تجارة، ويعمل في ورشة نجارة تابعة لوالده في مدينة ميت غمر منذ أن كان صبيًا لم يبلغ الـ 10 سنوات: «أشتغلت في الورشة مع أبويا من وأنا في ابتدائي، كنت برجع من المدرسة عالورشة، وفضلت كدة لحد ماخلصت دبلوم».
لكن في ظل عمله بالورشة تعرض «حسام» لحادث أليم أدى إلى بتر أصبعين من يده اليُسرى، لتتحول فرحته بالعمل مع أبيه إلى إحباط وحزن أليم، ظل فيهما بدون عمل إلى أن أستعاد حركة يديه بشكل طبيعي، وفقا لما رواه صاحب الـ28 عامًا خلال حديثه لـ«حصري 24»: «بحب الشغلانة دي جدًا، بس في سن 17 سنة حصلتلي حادثة إيدي دخلت تحت المنشار وده خلاني أعمل بتر لأول اصبعين في إيديا، توقفت شغل بعدها لحد ماقدرت أحرك إيدي بشكل طبيعي».
واستطرد «حسام» حديثه: «أول ما جيت اشتغل أبويا قالي فيه شغلانة ليك في الغردقة في فندق شغل خفيف عليك عشان متتعبش بس لاقيته شغل كبير وتقيل طبعًا».
وتعرض الشاب في تلك السنة إلى حادثة أخرى في يده اليُمنى أدت لبتر أصبعه الصغير، بحسب «حسام»: «اتعرضت لحادثة تاني في إيدي التانية وصباعي الصغير اتقطع، دلوقتي بقى فيه مشكلة ف إيديا الاتين الأول كانت إيد بتسند التانية لكن دلوقتي الموضوع صعب».
كيف تحولت محنة حسام إلى منحة بعد بتر أصابعه؟
ومن هنا كانت بداية التحول لـ«حسام»، حيث قلبت الصدفة موازين العمل لديه، وحولت نظرته لنفسه بأنه شخص عادي إلى فنان مختلفًا بفنه، فكان طاقة النور هو شخص إيطالي آمن بموهبته المغمورة: «كان فيه صديق لصاحب الفندق اللي اشتغلت فيه، ايطالي، كان شايف نظرة فيا وفي شغلي أنا مش شايفها، طلب مني أعمله طيارة طولها 3 متر وعرضها 2.5 متر، كنت متردد أني أقبل العرض، بس قالي هتقدر تعملها وفعلاً فكرت وقبلت الشغل».
بنموذج مصغر لطائرة جوية رسمه حسام وصنعه، عرضه على الصديق الإيطالي الذي نال إعجابه وأصر على عمل النموذج الكبير منه حتى يقوم بعرضه في المطعم ولاقى إعجاب الكثيرين بعده، هكذا حكى «حسام»: «عملت نموذج مصغر وعجب الإيطالي وأصر أني اعمل الكبير، قالي أنت اللي هتعمله لوحدك من غير مساعدة حد، عشان الشغل يتنسب ليا لوحدي».
وذلك حتى يبرهن للجميع بأن هذا الشاب عشريني العمر، مبتور الأصابع مميز في فنه وعمله تحدى حادثتين ليخرج بشيء مختلف من ممارسة النجارة لموهبة لم يتعلمها ولم يأخذ ورش عمل فنيه لمعرفة مجاله، بل هي موهبة فطرية ومكتسبة من العمل مع والده، هكذا حكي «حسام»: «بقى الأجانب يجوا يشوفوا شغلي يطلبوا مني التحف ويقعدوا يتفرجوا أنا بعملها إزاي».
بعد عام ونصف من العمل في الفندق ترقى حسام من فني يعمل في مجال الصيانة إلى مشرف ومن ثم إلى لقب فنان تشكيلي: «بعد سنة ونص في الغردقة قدرت ابقى مشرف وبعد سنتين لقبوني بالأرتيست الفنان عشان بقدم محتوى بعيد تماما عن النجارة».
ولأن الوضع لا يبقى على ما هو عليه، جاءت جائحة كورونا فأضطر الشاب إلى تقديم إستقالته وترك العمل بالفندق والرجوع إلى ورشته الخاصة مع والده: «رجعت اشتغل مع والدي في الورشة لأنه هو صاحب فضل عليا في كل خطوة، بس الحمد لله لسه فيه طلبات بتجيلي من برة اشتغلت للإمارات والسعودية والكويت وبعض المصريين اللي عايشين في أمريكا».
لم يتوقف فن «حسام» ونحته القطع الخشبية والتحف الفنية بسبب الكورونا، بل ظل يستقبل الطلبات عبر موقع التواصل الإجتماعي«فيس بوك» ويعمل التحف حسب ما يحتاجه العميل.
اقرأ أيضًا.. طريقة عمل كبدة الفراخ داخل المنزل بأبسط الوسائل
يقوم بالعمل بحب وإخلاص يواصل فنه وشغفه دون النظر الى الضرر الذي لحق به جراء بتر الأصابع او الحالة الصحية والنفسية بل يجدد «حسام» أمله مع كل قطعة جديدة تخرج من بين يديه، ويواصل طموحه إلى السعي وراء السفر بالخارج لكي ينمي موهبته التي لاقت إعجاب الكثيرين.